الإصلاح كحركة إسلامية ظل طوال وجوده منذ عشرات السنين يتحمل أعباء الدعوة إلى الله وما تبعها من مثاقيل تنوء بها الجبال الرواسي وقد خاض غمار أحداث كبار كادت الدولة بهويتها ووحدتها المجتمعية تضمحل, فخاض صراع المناطق الوسطى بنواته (حركة الإخوان المسلمين) وقد لعبت قبل ذلك دوراً إيجابياً رائعا في بداية نشأتها منذ أيام محمد محمود الزبيري رحمه الله وما شهده ذلك التاريخ وبعده من أحداث، وقد عمل مع كل الخيرين في المجتمع اليمني على الحفاظ على كينونة الدولة ونجح بعد أن تحمل خسائر كبيرة في أفراده وجهده ووقته ليبدأ معركة التربية والتعليم ونشر خير هذا الدين وأسس المعاهد العلمية والتي بفضل الله تعالى كانت ثمرتها إذابة اليمنيين في بوتقة ثقافة واحده لا تعصب مذهبي و ﻻ مناطقي, إنما الدين الذي يقبل كل أبنائه و ﻻ يقصي أحداً بمجرد اختلاف فهمه، أو سلالته، شعارهم ما قال ربنا "إنما المؤمنون إخوة" وكان هذا هو هدفهم وما صارعوا أحداً على الحكم وتعاملوا مع الحكام من بعد الجمهورية بمبدأ ﻻ نريد ملككم ودعونا نعلم الناس أمور دينهم وعلي عبد الله صالح يشهد على أن الإخوان طوال حكمه لم يكتشف عليهم مؤامرة واحدة برغم قوة تنظيمهم على الساحة تعاملوا بصدق لا خداع ولا انتهازية, همهم الوحيد كيف نربي جيلاً يبني مستقبل اليمن ولم يكن كحركة إصلاحية شاملة بعيداً عن السياسة بل كان ناصحاً وموجهاً ومسدداً في كل مراحل ومنعطفات التاريخ اليمني المعاصر.
وجاءت الوحدة وهي مبدأ في مشروعه التربوي والمنهجي وخاض صراع مرحلة الدستور وتحمل أقاويل المرجفين الذين شنوا عليه حملة أنه ضد الوحدة، وكيف يكون ضد الوحدة وهو يحمل مشروعاً حضارياً إسلامياً صميم جوهره "وأن هذه أمتكم أمة واحدة "ولكنه الكيد السياسي فتحمل الإصلاح هذه المرحلة وحاول أن يسدد ويقارب حفاظاً على وحدة تحققت، وسيعمل على إصلاح ما فسد من مواد دستورية في إطار سياسة حكيمة وجاءت أحداث 94 واصطف مع كل قوى الشعب في الشمال والجنوب للحفاظ على الوحدة التي أتهم قبل أربع سنوات أنه ضدها، وعلم الشعب كل الشعب أن الإصلاح مشروع وطن كنواة لمشروع أمة وليس مشروعاً حزبياً ضيقاً ليدخل مرحلة شراكة سياسية مع المؤتمر بوجود هش بوزارات محدودة نجح في إدارتها برغم المعضلات التي حدثت من القرين السياسي وكان يريد أن يقدم نموذجاً أكثر شفافية وإبداعاً ولكن كان حسد الأقران عاملاً من عوامل تقليل النجاح وتحمل الإصلاح كل ما كان يقال إنه يتحمل جزءاً من الفساد برغم أنه لم يثبت عليه أي تهمة ولكن بحكم الشراكة ومرت الأيام وبدأ العزل السياسي الذي مارسه شريك الأمس وتبعه الإقصاء من كل وظائف الدولة وألغيت المعاهد العلمية والتي تخرج منها خيرة أبناء الوطن وتحمل الإصلاح على أن يدخل في مواجهة لأنه ينظر إلى الحزب بعين وإلى الوطن بعين أخرى, فيقول يا عين الحزب اغمضي و يا عين الوطن انظري وعندما هبت رياح التغيير في الوطن العربي كان الإصلاح على عقد سياسي قد عقده مع بقية مكونات المشترك, يهدف هذا العقد إلى التعاون بالخروج بالوطن إلى بر الأمان وتحمل جزء من خسارة في شعبيته ولكنه اغمض عين الحزب وفتح عين الوطن، وساهم في ثورة التغيير وهدفه أن نصل بالبلاد إلى وضع أحسن ودخل في حكومة وفاق وأخذ اربع حقائب وزارية (وزراء بلا وزارات) من 34 وزارة واذا بالكيد السياسي وما معه من إمكانيات إعلامية هائلة يصور للشعب أن الإصلاح هو من يدير الدولة وأن عدم التغيير هو من يتحمله ونسى الحاقدون أن المؤتمر مازال هو في الدولة بكل مفاصلها من الرئيس إلى فراش المدرسة، ولكنه الكيد وكما قال ربنا "وفيكم سمَّاعون لهم" ويخرج هذا الكيد ينادي بإسقاط الحكومة وعمل ضجة إعلامية ضخمة هدفها التدليس وإلا لو كان صادقاً- فهو يمتلك نصف الحكومة-؛ فلماذا لا يسحبهم والحكومة ستسقط تلقائياً والكن الهدف تشويه الخصم وتلبيس على الشعب الذي يرقب التغيير ولم يجده، وهنا وجد الإصلاح نفسه ضعيفاً برغم قوته هل يخرج من حكومة الوفاق ويحافظ على قوته الحزبية المعهودة في المعارضة أم بمزيد من الصبر وقدم خسائر من منجزاته الوطنية التي حققها فيما مضى فقرر أن تظل عين الحزب مغمضة وعين الوطن مفتوحة وأن تحمل ما تحمل من كيد الخصوم، من تشويه وتدليس، وأن ظن به الناس أنه ضعيف لأنه ينحت جسم الحزب ليبني جسم الوطن، فالوطن بهذه التضحية سيقوى ونقوى بقوته جميعاً.
محمد بن ناصر الحزمي
الإصلاح ينظر بعين واحدة 1380