في هذه الأسطر لن أتحدث معكم عن حدث سياسي في البلاد أو تحليل لقضية هي مثار اهتمام الشارع أو واقعة مؤقتة وأود أن أسلط الضوء على ظاهرة اجتماعية نفسية يعاني منها المواطن في بلدنا خصوصاً وفي البلدان الأقل تنمية وثقافة جاهلة خطيرة تسيطر على قطاع عريض من أبناء وطننا وتدفعه إلى تبني مواقف معادية للآخرين هذه الحالة أو الظاهرة هي "الحكم الشمولي" واللغط التصميمي الذي نلحظه هذه الأيام..

 هذا الحكم الشمولي على الآخرين هو نتاج اليأس في بعض الحالات وفي بعض الأحيان نتاج الحقد الأعمى والتعصب الذميم وقبل أن أفصل أسباب هذه الحالة, أود أن أذكر أن إدراك ما لدى الناس من سلبيات هي سهلة, إما إدراك جوانب الطيبة والطهر والبساطة والخيرية لدى الآخرين يحتاج إلى شيء من البحث ولذلك فإن المطلوب منا في ظل هذا الواقع أن لا ننجر إلى صفوف الناس المتشائمين أصحاب النظرات السوداوية القاتمة الذين يصورون لك الدنيا وكأنها جحيم وعندما نتخلص من أولئك الذين يريدون أن يطفئون شمعة الأمل في قلوبنا وعقولنا عندها نكون قد خطونا الخطوة الأولى في طريق بناء المستقبل..

 إن إدمان السخط والتذمر وتخوين الآخرين واليأس والقنوط من الواقع يولد لدينا حالة إحباط وقصور عن العمل وإطلاق الحكم على الآخرين بشكل تصميمي فحل بالحقيقة ومن أمثلة أولئك عندما تسأل شخصاً عن الوضع القائم أو الدولة أو الحكومة تجده يقول لك" كلهم كذابون" هكذا بكل بساطة وبحكم قاطع وعندما تقول له هل يعقل أن البلاد خلت من الناس الخيرين والأمناء والمخلصين يقول لك إن القادم أسوأ وكلهم "سرق" طبعاً هذه الحالة النفسية لدى الناس إما أن تكون نتاج النظام الذي دمر كل شيء في البلاد حتى الأمل وإما أن تكون من الناس الذين لا يهمهم الوضع السياسي ومن البسطاء الفلاحين وأصحاب الأرياف الذين يشغلهم العيش وقوتهم اليومي عن الحديث ومتابعة السياسة وتعقيداتها وهناك طرف ثالث ممن فقدوا مصالحهم ويعملون على وأد الحلم الذي يسيطر على قلوب شباب الثورة ويعملون بكل قواهم على إطفاء شغل التفاؤل المستقر في أرواحنا ولذلك أود هنا أن أقول لأولئك إن هذه حالة مرضية عليكم أن تتخلصوا من منها, أما من أريد إيصال رسالتي إليهم وهم زملائي من شباب الثورة: إن أول خطوة في طريق البناء والنهضة أن لا تسمحوا لأصحاب الأرواح الخبيثة أن تبث حالة الإحباط لديكم ولا بد أن نعمل من أجل بقاء الحس الثوري متيقظاً ونبتعد عن الحكم التعميمي على الآخرين ولابد أن نكون أناساً واقعيين مدققين بعيداً عن الوضع القائم في لدنّا حتى لا نسمح لقوى الثورة المضادة من تحقيق مآربها المتمثل في إفشال مسيرتنا بكل ما أتوا من وسائل ومن ضمنها التخوين والحكم التعميمي على الآخرين, لكني واثق من أن شباب اليمن اليوم أكثر وعياً ونضجاً ومعرفة وخبرة من أولئك الذين تعفنت عقولهم ولم يستوعبوا الدرس بعد..