موقف الدولة من الحوثية في صعدة وما تم التوافق عليه مؤخراً بشأن الاستحواذ الكامل عليها من قبل هذه الجماعة يقودنا لطرح أسئلة كثيرة من أهمها: هل الحوثية طرف في الأزمة السياسية في اليمن أم هي إحدى النتائج المؤسفة لها ؟
وهذا يقودنا أيضاً لطرح أسئلة ضيقة ومحددة على مستوى المحافظات التي تسربت إليها عناصر الحوثية عمداً لفرض نفسها عليها بالقوة, ففي تعز مثلاً لم يكن للحوثية هذا الظهور السافر الذي نراه اليوم، فماذا سيكون مصير تعز جغرافياً وفكرياً إذا قامت الحوثية هناك بممارسة هوايتها المفضلة في عاصمة الثقافة والمثقفين؟ هل سيتم إخلاء تعز من أبنائها لفرض الهيمنة الحوثية على الوطن؟ في الحقيقة من الصعب أن تكون السياسة هي العصا التي تضرب على أيدي الكيان العقائدي في أي مكان وزمان، لكن في نفس الوقت لا تفتأ السياسة عن وضع العقيدة موضع الحكم المزيف في قضاياها التي تعجز عن الوصول إلى حلول فعلية تحد من تغلغلها إلى أعلى قيعان المجتمع, ومن ناحية أخرى فإن أكثر ما يثير الجدل ويشعل حميّة الرأي العام هو صراع العقائد الذي تتخذ منه السياسة مادة جاهزة لتفصيل أحداثها وفق احتياجاتها المرحلية وهكذا فإن النزاع بين الدين والسياسة يظل قائماً بشدة حيث أن كل طرف منهما يشكل عقبة في طريق الآخر.
ولما كانت رحمة الله واسعة في احتواء الأزمة السياسية التي اجتاحت الوطن كان الوضع قد استتب على الأقل نسبياً في ظل مبادرات داخلية وخارجية للحيلولة دون انفراط العقد وتشتت الأزمة حتى تطال الأخضر واليابس، غير أن هذا الأمر لم يكن في أجندة المستفيدين من أزمات اليمن المتتالية والذين عرفناهم في أسوأ صورهم وأكثر مواقفهم عبثية في أكثر مناطق الوطن بعداً عن سيطرة الدولة وقرباً من سيطرة المصالح الداخلية والخارجية، ولأنه كان كذلك فقد سعت تلك الثلة المتمصلحة من أزمات الوطن لإشعال فتيل الطائفية في الوقت الذي لم يكن فيه فتيل الحزبية قد انطفأ ليحترق الملف السياسي ويحل محله الملف الطائفي بآلية جديدة تعزف على أوتار الانتماءات الدينية وتعبث بمشاعر الناس كافة، إذ أن السياسة قد لا تكون بذلك الألق الذي هو عليه عقيدة الناس، سواءً منهم المعتدلون أو المتطرفون.
لذا من الواجب على أصحاب القرار السياسي أن يضربوا بعصا الوسطية وأن يستخدموا السياسة خلال الفترة الراهنة كدواء لأن القليل منها قد يكفي أمام هؤلاء المرضى بحمى الظهور والسيطرة, وعلى سياسيي تعز فرض جرعة الحصانة الفكرية ضد هذا الوباء القادم من بلاد التطرف والمتطرفين.
ألطاف الأهدل
وماذا عن الحوثية في تعز؟ 1544