نقول دائماً في سياق حديثنا (من رابع المستحيلات) فما هي المستحيلات الثلاثة يقال أن الغول والعنقاء والخل الوفي هي المستحيلات الثالثة يتحدث عنها الناس كل يوم.
لكنني لا اعتقد أن في الحياة مستحيل, فمن يدري عن أزمان غابرة حملت من العجائب ما حملت! ربما كان الغول مخلوقاً كما كانت الديناصورات مثلاً, فمن يستطيع أن يحصي تلك المخلوقات الغريبة من الحيوانات التي عاشت خلال حقب تاريخية ماضية, وبالإضافة لذلك فأنني اعتقد أن لا شيء الحياة إلا وفي مخيلة الإنسان صورة منه والغول إذاً كائن يعرفه الإنسان عبر خياله تماماً كما هو الحال من حورية البحر ربما وجدت مثل هذه المخلوقات يوم كان الإنسان مخلوقاً بسيطاً وقادراً على التفاعل مع الحياة من حوله أما اليوم فإن الحياة لا تبدو كذلك أبداً, ربما أكون قد أسهبت في التخيل أو بالغت في ذلك لكنني أثق تماماً أن لا شيء في الحياة مستحيل ولا شيء فيها من صنع خيال محض, بل هي جدارية تاريخية بشرية عالقة في ذاكرة الإنسان منذ زمن.
العنقاء هي الصورة التالية كمستحيل آخر لكنها أيضاً ليست مستحيلاً إذا تعاطينا معها بذات الطريقة في قصة الغول الذي تعرفه الذاكرة كلننا لم نره بأعيننا, يأتي في الدرجة الثالثة من درجة المستحيل الخل الوفي فهل من المستحيل فعلاً أن يكون لأحدنا خلاً وفياً؟ في اعتقادي ليس من المستحيل أن يكون للإنسان خلاً وفياً لكن ما جعل الناس تقول ذلك هو الخوف من ممارسة الوفاء كسلوك لأن في التزام قوي تجاه الآخر وهذا ما لا يستطيع الناس أن يتخيلوه.
إذاً فقد يكون من المستحيل فقط تصديق تلك المستحيلات الثلاثة أما أن يكون كل ذلك مستحيلاً فلا أعتقد.
المستحيل هو أن لا نستطيع التعلم من هذه الحياة رغم أننا نتلقى الدروس نفسها كل يوم وبذات القدر من الجدية.
المستحيل هو أن تمضي أيام حياتنا كفقاعة هلامية تفقأها ذرات هواء عابثة, لا مستحيل في الحياة إنما ما لا يريد الله أن يكون لنا فلن يكون ولكي نكون أكثر واقعية فالأمر لا يحتاج إلا إلى وجود القناعة فقط’ فلقناعة تجعلك لا ترى المكتوب مستحيلاً وغير المكتوب أكثر استحالة.
عليك أن تعرف الفرق بين المستحيل وغير المستحيل وحتى تستطيع فعل ذلك تأمل جدارتك التاريخية وستجد ما يستحق التأمل فتلك الصورة المعلقة على جدار ذاكرتك ستجعلك أكثر تفاؤلاً وأقل ندماً على ما فات.
ألطاف الأهدل
لا شيء مستحيل 1992