نسمع عن إقرار لمشاريع خدمية كثيرة ونقرأ أخباراً عن حجر أساس هنا وآخر هناك لكننا لا نكاد نشبه في هذا إلا صاحب الجيب الفارغ الذي تناول قطعة الخبز على نكهة الشواء مرتفع الثمن وحين طالبه صاحب الشواء بدفع ثمن النكهة ما كان منه إلا أن ألقى قرشاً على الأرض ليحدث زنيناً هو ثمن النكهة التي لم يستفد منها إلا تذوق طعم الحرمان.
فأين هي تلك المشاريع والأموال التي لا حصر لأرقامها؟ لماذا يبقى الحال على ما هو عليه لسنوات طويلة في هذا الوطن؟ نتساءل مثلاً عن بقاء البنية التحتية لشوارعنا بهذه الحال المزرية التي تتسبب بمشاكل أكبر من كونها مشكلة كبيرة في حد ذاتها.
تحطم هذه الشوارع يتسبب في بقاء مياه الصرف الصحية خارج نطاقها، ويجعل من قيادة السيارة أمراً صعباً، بالإضافة إلى أن مجرد التفكير في السير الحثيث على هذه الطرقات لممارسة رياضة المشي يعد أمراً مستحيلاً، وسيكون هناك الكثير من مشاكل الطرق لو جعلنا الباب مفتوحاً للشكوى والانتقاد، ولكننا نحاول فقط استعراض أبرز ما تفعله الطرق المحطمة فينا وفي شخصياتنا التي تشكلها بيئة مشحونة بالسلبيات، لذلك قلنا: (وين الملايين)، بالبلدي الفصيح الذي لا يبتعد كثيراً عن واقع المسائلات التي يعيشها الجميع اليوم، لكن في الخفاء الذي لا يراه ولا يسمعه إلا الذات.
فمن حقنا كأفراد من هذا الشعب أن نعرف ولو القليل عن مصير الثروة الوطنية التي من المفترض أن يستخدمها أصحاب القرار لتمكين الناس من الحياة بكرامة وسكينة ورفاهية وقدرة أكبر على العطاء، إنما أن نكون في قالب متجمد لا نعرف أين ستتوقف بنا عربة السياسة فهذا أمراً لا يمكن تصوره، أين الملايين المرصودة للارتقاء بمستوى التعليم وتوسيع بنيته التحتية لتشمل أكبر قدر من المقبلين عليه؟ أين ملايين أخرى رصدتها الحكومة السابقة أو اللاحقة في خطة خمسية خاصة لتأمين الرعاية الدوائية لذوي الأمراض المزمنة ممن ابتلاهم الله بالمرض رديفاً للفقر وكان على الدولة أن تكون عوناً لهم لاعيناً عليهم!.
نطمح لمصداقية تنقلنا من مساحة وطنية معتمة إلى أخرى واضحة المعالم، نستطيع من خلالها اكتشاف أوجه الخطأ أو القصور في أنفسنا أو في حكامنا ومن يقف على بلاط السياسة من حولهم.
ونطمح أكثر لمواطنة تؤهلنا لتحديد مكامن الاحتياج وتقديم ذلك في رؤى واقعية لكل إدارة لا مركزية أو مجلس محلي يستطيع أن يفعل الكثير من الإسعافات الأولية التي تمكننا من متابعة السير على طريق الواقع دون وجود عقبات، هناك الكثير مما يمكن تقديمه، لكن فقط إذا أردنا ذلك، وأظننا نريد لكننا نتكاسل وتستخدم لغة التسويف المبررة لعجزنا عن النهوض بوطننا والشعور بالانتماء إليه.
ألطاف الأهدل
وين الملايين..؟ 1435