لم أكن أصدق قبل اليوم عن وجود نساء ورجال يؤمنون بوقوع السحر وكأنه قدر محتم لا يمكن علاجه أو الاستشفاء منه ولو بمراحل متعددة، أدركت ذلك من خلال استشارة قدمتها لزوجين يشكو كل منهما بعده عن الآخر وعدم تقبله مهما حاول وأثناء الجلوس مع كل منهما على حده تبين من أقوال الزوجة أن هذا الرجل قد تعرض قبل فترة طويلة لحادث، لكنه يعتقد أن سبب ما يعانيه هو السحر الذي كان يصنعه أحد سحرة القرية وقد أصابه منه ما أصابه لمجرد أنه كان جاراً للساحر، وكأن السحر أصبح سلاحاً كيماوياً أو كيميائياً بشكل أدق، الوهم يجعل من الإنسان دمية يمكن تحريكها أو العبث بها أو استغلالها لأي غرض وبأي ثمن، فهذا الرجل لم يكن مريضاً بالسحر وإنما بالوهم، وبالرغم من هذا فقد لجأ صاحبنا لأكثر من مشعوذ وساحر حتى يتمكنوا من فك السحر الذي يعانيه، وفي الحقيقة هو لا يعاني إلا الوهم والخوف اللذان لا يسيطرا إلا على من كان بعيداً عن الطريق المستقيم، طريق الحق المبين.
نعم السحر موجود ويمكن أن يصيب من لم يتحصن ضده بكتاب الله وهدي المصطفى الأمين، لكن مع هذا لا يجب الاستسلام له والانطواء بعيداً عن المجتمع بمعيته، فهذا هو الدمار الحقيقي وهذا هو الداء الذي ليس له دواء أبداً، وحتى نتجنب الإصابة بكيد السحرة الذين لا يقصدهم إلا من خلا قلبه من خوف الله يجب أن لا نهجر قراءة القرآن وأن لا نترك أذكار الصباح والمساء وأذكار ما بعد الصلوات وتناول سبع تمرات كل صباح, والبعد عن مواطن الفساد والعبث والفجور، فالله جميل يحب الجمال ومن أولى ما نجمل تلك الأرواح التي تسكن أجسادنا والتي هي نفخة من روح الله، فهل من العدل أن نلوث تلك النفخة الإلاهية الطاهرة بهذه الرذائل الدنيوية والأقذار الشيطانية؟
العين حق والسحر حقيقة موجودة، لكن الساحر لا يمكن أن يضر أحداً إلا بإذن الله، وهذا سلوك لا يفتعله إلا من كان الشيطان قائده، فكيف نعجز عن تحصين أنفسنا، ونضعف أمام ما يقدمه هؤلاء من باطل؟!
لماذا نهرب من الهدى لنقع في أحضان الضلال؟ كيف نزور من داره من نار وطعامه من رماد؟.. أتعجب أن يكون لمثل هؤلاء سوق في زمن أصبحت فيه الدعوة إلى الله كما هي اليوم والصحوة الإسلامية تغزو قلب العالم وأطرافه النائية. لا تنتظروا وقوع الداء لتبحثوا عن الدواء، وليكن لكلٍ منا شيء من الذكر وورد من القرآن نتحصن به من أدوية الشيطان.
ألطاف الأهدل
ولا يُفلح الساحر حيث أتى 1584