إلى مدينة صعدة ومدينة السلام -كما كان يطلق عليها- تتجه الأنظار هذه الأيام لا سيما بعد انتهاء مؤتمر الحوار الوطني على أمل أن يعود المجد والعز والرفعة لتلك المدينة التي لطالما تلبدت بغيوم الحرب الضبابية والعبثية التي تقودها المليشيات الخارجة على أطر النظام الحكومي والمؤسسي وسيطرت عليها العصابات التي أصبحت تتنقل منها إلى المزيد من المحاور لتكوين ما يسمى بالدويلة الإمامية على غرار ما قام به حزب الله اللبناني في ضاحية جنوب لبنان ففعل الأفاعيل وسعى في الأرض بغير الحق, فأهلك حرثها ونسلها فأصبحت لبنان ساحة للصراع المفتوح ليس بين أطرافها فحسب, بل ساحة صراع للمجتمع الدولي بكامله وأذياله وأدواته الداخلية فأصبح القرار ليس لبنانياً وهذا ما يبحث عنه سيد اليمن وقنديلها وليمرره على الزنابيل حسب المصطلحات الحوثية التي يروج لها التيار الدخيل فمسؤولية الدولة تكمن اليوم في استعادة ما تم نهبه خلال فترة الثورة وما تم جلبه من أطراف خارجية عرفت بمشاريعها الضيقة التي تسعى للتفتيت كما أحدثت كل ذلك في العراق وسوريا ولبنان بينما في اليمن يبدوا الطريق ليس شائكاً ولا مفروشاً بالورود مالم يتم الإعداد الجاد لمرحلة ما بعد الدولة المدنية الحديثة؛ لأن الدولة المدنية الحديثة التي ينشدها الشعب لا يمكن أن تقبل بالسلاح بيد الجماعات التي تدعي أحقيتها في الحكم, في الوقت الذي لم تصل إليه فكيف إذا وصلت إليه بسلاح إيران المتدفق الذي أوجد السر في انتصارات الحوثيين المتلاحقة خلال الحرب الأخيرة مع القبائل.
وكذلك أيضاً السلاح الذي تم تسليمه من المعسكرات انتقاماً من الثورة لتلك الجهات التي لا يمكن أن يقدر حجم الخطر على الجمهورية والوحدة كخطرها بينما البعض يعيشون وهماً في سراديب وكأنهم يغردون خارج السرب حينما يتحدثون عن إمكانية تعايش المدنية إلى جانب السلاح فمستقبل اليمن مرهون بتسليم السلاح مالم فإننا نثق ثقة عالية بإمكانية الدولة في بسط نفوذها على كل شبر ولا داعي للمزايدة بمدى قوة الجيش اليمني ومدى الحرص على بسط النفوذ فكل يكون بعد نفاذ المساعي السياسية ولا يجب أن يخوض الجيش في الحرب طالما يوجد التوافق وقد ولج الجميع تحت سقف واحد المتمثل بمؤتمر الحوار الوطني, فجيش الدولة هو من يحمي الحوثيين بدلاً من أن يخوض معهم في حرب نعرف الطرف المنتصر جيداً ولا أضن السادة الحوثيين يغامرون في ذلك لأنهم يعرفون جيداً مدى الجدية في مسألة قضية صعدة المتعلق بالسلاح ليس من الحوثيين فحسب بل من جميع من يمتلكون سلاحاً خارج إطار الدولة وبموافقة جميع الأطراف مالم فإن حجرة الجيش تعي الرس الذي سوف تستقر فيه ولا نؤمل أن تصل الأوضاع للحرب طالما أن مؤتمر الحوار تم التوافق على مخرجاته وتنفيذها والحوثيين طرفاً في ذلك.
والمشكلة الآنية أن مؤتمر الحوار لم ينتج شيء يذكر حتى اليوم بشأن القضية ويبدوا وكأنه في انتظار أن يسلم الحوثيين أسلحتهم استناداً للمخرجات والتنفيذ وكأنهم حمائم سلام يؤمنون بالسلام وإن كانوا يؤمنون به لما وجد السلاح معهم وأسس مشروعهم عليه ولذلك فإن قضية صعده تفوق في تعقيداتها القضية الجنوبية كثيراً؛ لأن الجنوب إذا ما قارنا لا يحمل ذرة من خبث بينما يشعشع الخبث اليوم في نواحي وضواحي صعدة سيما بعد خروج الثلة الطاهرة المظلومين من أبناء دماج ليس من منطلق عقد بل من منطلق إنساني بحت حديث.
ليعلم الحوثيون أنه إذا لم تغضب الأرض لذلك فحتماً ستغضب السماء لذلك ولنا في شارون وتهجير الفلسطينيين آية وعبرة والمهم في الأمر مساعي الحوثيين يجب أن تتوقف لأنها سوف تصبح أثراً بعد عامين إما بالحلول النابعة من صلب مؤتمر الحوار الوطني الذي نحسبه فاتحة الخير لليمن واليمنيين وإما من فوهات مدافع الجيش اليمني الذي لم يحرك ساكناً حتى الآن في انتظار ما سيؤول إليه المتحاورون وليفهم الحوثيون أن عجلة التغيير التي اقتلعت كثيرين سوف مساعيهم الهدامة وستتركهم مجردين من كل جهل وسلاح. والسلام
عمر أحمد عبدالله
قضية صعدة..الاختبار الحقيقي لمؤتمر الحوار 1287