القصة لم تعدّ دستوراً ومبادرة وتوافقاً ومخرجات حوار ووثيقة ضمانات.. وصلنا إلى حالة اللا دولة، والوثائق أمل متحرك في واقع فقد ثقته بصانعي الوثائق، ويدرك إلى أي مدى يسوقون لما يكرهون.. مؤسسات الدولة تشرعن لوجودها الواقعي وفق خيارات التوازنات التي تصيغها معايير القوة المشتتة والضرورة التي لابد منها حتى لا ينهار البيت على ساكنيه..

أدوات القسر والقهر السلطوي الشرعية محاصرة في نطاقاتها المكانية بعد تفكيكها في هيكليات لم تكن إلا شكليات نافية للتماسك ومحكومة بالحدّ الأدنى من الضمير الوطني الذي لم يعدّ قادراً على صناعة فعل ما لم يكون هناك أرضية راسخة تسند خياراته الخفية.. المؤسسة الأمنية والعسكرية لم تعدّ تمتلك الشرف الكافي لاستفزازها وتريد من يسند لها كرامتها والمليشيات المسلحة تلاحقها وتدينها وتقتلها وتنتهك سيادة هي المسئول الأول عن حمايتها وفي تشكيلاتها المتنوعة تدار هذه المليشيات وكأنها مافيا بشرعيات مرتبطة بمصالح المراكز المسيطرة على الواقع في المجتمع والدولة بما في ذلك في بنية المؤسسة الأمنية والعسكرية..

ولدينا منظمات مدنية وحزبية تبدو كراقصات في بيت دعارة بلا هوية هي تبذل جهدها لإثبات وجودها وهي متداخلة مع الصراع الواقعي بكل بشاعته وهي الصورة الناعمة للنزاعات المتجذرة التي تديرها نخب خائفة ومرعوبة وممتلئة بأحقاد تغلي بالانتقام.. الشرعية لم يعدّ لها معنى وقوتها اليوم في الوصاية الدولية هذه الوصاية لا تمتلك القدرة على ضبط انفراط الصراع قادم الأيام والذي قد تبعثه تكوينات مختلفة من خارج إطار الدوائر المراقبة التي قد تفقد قدرتها على حماية التوافق الاصطناعي وتنخرط لا بإرادتها بل بطلب من الوصاية الدولية لإعادة ضبط فوضى قد تدمر خارطة المخططات التي يتم رسمها برؤية فوقية مستندة على نظريات وتجارب لا علاقة لها بالاعتمالات الداخلية في الواقع اليمني وتناقضاته المضبوط اليوم بخوف الناس والنخب التي مازال بعضها على يقين كامل أن ما يجري ممتلئ بالأخطاء إلا أن هذه الأخطاء بالإمكان تصويبها اذا لم يتم تفجير حالة الأمن الساكن في فوضى متحركة مجمدة لصاعق الانفجار الكبير!! ليست الحوثية إلا اللاعب الأكثر تهوراً في خرائط صراعات تبدو كمتاهات حتى للنظر من فوق الجبل!!

أحياناً قد تحتاج الجماهير إلى انقلابات سريعة وحاسمة وكباش فداء لتهدئتها من خلال صدمات مرعبة لا يحدث فيها أي نزيف دموي وإنما أشبه بالصدمة التي تعيد رسم المشهد بما يمنحهم أمل بالشفاء ولو بعمليات مؤلمة لان فقدان الأمل وحالة اليأس قد تقود الأكثر خوفاً من الناس إلى المغامرة مع الحلول الأكثر تخلفاً طالما منحتهم الأمل ولو ذبحتهم في المآل من خلف الرقبة