لدينا إخفاق لا مثيل له في مجال التشبيك المجتمعي ضمن دائرة المساعدات المادية والنفسية التي تقدمها للمستحقين بعض منظمات المجتمع المدني على اختلاف توجهاتها، فالقوافل التي تقدم المساعدات الغذائية مثلاً تسير في اتجاهات متفرقة ومشتتة ولا تستطيع تغطية المنطقة الجغرافية التي من المفترض مسحها وإنجاز المهام الإنسانية فيها والسبب لا يعود لقلة المساعدات المقدمة وإنما يعود لخلل في عمل القوافل ذاتها، حيث تتحرك غالباً في اتجاه واحد وضمن نسق إغاثي محدد، وكان من المفترض أن يكون هناك تنسيق أقوى ونظام أكثر فاعلية في تنفيذ تلك الخطط الإغاثية، ففي أحد المخيمات الخاصة بالأطفال مثلاً يموت بعض الأطفال لأسباب مختلفة من أهمها التلوث والجوع، وهذا لم يكن ليحدث لو أن مسح المناطق المنكوبة يتم وفق خطة احتياج شاملة لكن الأمر يبقى بيد الله الذي له الأمر من قبل ومن بعد.
وحتى في المناطق البعيدة عن النزاع المسلح والتي هي بحاجة فقط لبعض المعونات الخاصة بالإعاشة وأدوية الأطفال كما يحدث عندنا في تعز, فإن النزول الميداني الذي يتم قبل وصول المساعدات يجب أن يتم وفق آلية دقيقة جداً, خاصة بعد ظهور جمهور المستفيدين بشكل أو بآخر من تلك المساعدات.
ولا ينبغي إغفال الضغط الشديد الذي تواجهه تلك القوافل الإنسانية أمام جمهور المسلحين الذين يسعون للحفاظ على وجودهم في ثكنات متفرقة في جميع أنحاء المحافظة في الوقت الذي تغض الطرف عنهم أجهزتنا الأمنية المختلفة، وبدون ماء أو تربة أو ضوء شمس تنبت كل يوم وعلى أرض هذا الوطن فصائل جديدة من تلك النبتة الشيطانية التي لم تجد توجهاً جماعياً يجتث جذورها عبر حوار شامل يتفق عليه الجميع، ومع هذا فإن العمل الإنساني الدؤوب الذي تقوم به قوافل الخير وعبر برامجها المختلفة الهادفة إلى تقديم الدعم الغذائي أو النفسي أو المعنوي لن يتوقف، لأن التوازن في الحياة موجود بفضل إرادة ربانية، فبقد وجود الشر يوجد الخير أيضاً، وبقدر ما يعبر البعض عن وجودهم بطريقة سلبية يلجأ الآخرون إلى التغيير عن وجودهم بطريقة إيجابية وعادلة، لكن الأهم من هذا أن يتم التحرك وفق خطة تكاملية يعمل من خلالها الجميع إلى سد الخلل وتحقيق التوازن, حتى يتم تحقيق الهدف الذي يخرج هؤلاء من أجله وغيرهم ممن وهبوا حياتهم لوطنهم ولم يتعروا من أثواب إنسانيتهم، فقط علينا أن نتلمس مواطن النقص والقصور وبعدها يفعل الله ما يشاء.
ألطاف الأهدل
فقط، تلمسوا مواطن الخلل.. 1268