*حتما كلما رحل جيل التأسيس ومِن بعده الرعيل الأول للمؤسسين تبدأ تتأكل القيم المثالية التي رعاها ودعا إليها أصحاب المبادرة الأولى هذه سمة الحركات والجماعات والأحزاب وكذلك الدول والحضارات , لكن الفارق بين الواحدة والأخرى هو مدى الانهيار وتوسُّع الهوة بين المؤسس والمبشّر بقيام الدولة أو الجماعة. ....إلخ وبين التابعين أو الورثة, فالبعض ينحرف عن مسار التأسيس كليةً ولذلك بعد فترة يواجه بعمليات تصحيح المسار أو المراجعة الداخلية وبقدر ما تكون المصداقية والواقعية بقدر ما تكون هذه المراجعة سبباً في إعادة الرونق ولملمة الصفوف والحفاظ على الكينونة من الاندثار وهذا تماما ما تمر به دول الخليج وعلى الأخص الأخوة في السعودية والإمارات فقد أثبتت السنوات القليلة الماضية أن هناك تراجعاً وتضاؤلاً للدور العربي والإسلامي للبلدين وانخفاض لمستوى العقلانية التي كانت حتى وقت قريب في عهد الملك فهد والشيخ زايد سمة بارزة رغم وقوع الجميع تحت التأثير الأمريكي المباشر إلا أن تراجع الجوانب الإنسانية والنزعة القومية الدينية باتت واضحة في تعاملات النظاميين الحاليين وضاق المحللون ذرعاً بتبرير سياسات طائشة بدأت ملامحها من القضية الفلسطينية واجتياح غزة والتطبيع مع إسرائيل والسودان واستيلاء الشيعة على مقاليد الأمور في العراق وأفغانستان وفي كثير من القضايا ولن يكون آخرها وتدخلاتهم المناهضة لتوجُّهات الشعوب في مصر وليبيا واليمن, كلها رسمت خطوط تراجع المنظومة الأخلاقية والعقلانية للإخوة في الخليج وخاصةً في الإمارات والسعودية وبعد وصول هذه السياسة إلى حد تهديد مصالح البيت الخليجي نفسه من افتعال مشاكل مع قطر والسير نحو اتخاذ مواقف لعزلها في المنطقة فإننا اليوم نجزم القول إن الخليجين باتوا يرسموا مستقبلاً جديداً للمنطقة سيقوم على الاستقطاب الحاد والخصومة الدائمة التي ستقود لإضعاف الجميع والتاريخ يتحدث أن مجريات الأحداث وموازين القوى تتغير بين فترة وأخرى أحيانا لا تتعدى الشهور ومالم يتدارك الخليجيون الخطأ الذي وقعوا فيه فليس بعيداً أن تصلهم يد التغييرات الإيجابية أو السلبية والتي باتت سمة العصر ووقتها لا عاصم من أمر الله بسبب ما اقترفته سياساتهم المصلحية وغير العقلانية والتي تتنكر للجوار وللإخوة , وعلى الرغم من إنني على ثقه أن الخلاف مع قطر سينتهي بحكم أن الجميع سيرضخون للضغوط الأمريكية التي لن تكون في صالحها استمرار أزمة الخليجيين في هذه المرحلة, لكن ما أجزم به هو أن القطريين أثبتوا انهم أكثر مصداقيةً مع انفسهم وأعقل تصرُّفا وأحرصهم على مجاراة العدالة واحترام الإنسانية.
وأخيرا ما يأمله اليمنيون أن تكون بعد هذه القضية مراجعة شاملة لسياسات الأشقاء وخاصة السعودية تجاه اليمن والتي كُنا ومازلنا نحرص على أخوّتنا وتعاوننا الذي امتد من بدايات تأسيس المملكة إلى اليوم وما نطلبه هو التعامل بالمثل وعدم التدخل في شؤوننا الداخلية وتقديم العون والمشورة بما يحقق استقرارنا وتنمية بلدنا الذي سيكون العون والمدد ضد أي أخطار أو مؤامرات تتعرض لها في المستقبل.