قبل الحديث عن هذه النقطة أقول إن القرآن والسنة القولية الصحيحة التي لا تخالف القرآن والمجمع على صحتها لم ينصا على تحديد شكل ونوع الحكم وآلياته, لأن الحكم هو آلية لإدارة مصالح الناس، ولهذا ترك في الإسلام لتطور الحياة، وللاجتهاد البشرى بحسب ظروف الزمان والمكان والأحوال، ولهذا تطور الحياة دفعت بالعقل البشرى أن يجتهد في إيجاد أنواع وأشكال من نظم الحكم المختلفة, فالنظام الاتحادي أنواع وغيره كذلك..
أعود لفكرة اللامركزية فالفيدرالية لا تلغي المركزية، ففي بعض الدول الفيدرالية التي تأخذ بنظام الإدارة المحلية مثلا يتم الأخذ بصيغة تجمع بين النظام المركزي الإداري والنظام اللامركزي لأن هناك مرافق حكومية ـ حتى في الدول الفيدرالية ـ لا يمكن إدارتها إلا بالأسلوب المركزي. وفي ذات الوقت هناك مرافق حكومية يمكن إدارتها بأسلوب لا مركزي, وهناك مرافق أخرى تدار بمزيج من الأسلوبين, التخطيط للتنمية الشاملة في ظل الدولة الفيدرالية يختلف كثيراً عن أساليب التخطيط لها في ظل نظام اللامركزية الإدارية.
وفي النظام الاتحادي تكون هناك حكومات محلية تخطط فقط للتنمية وتسهر على تقديم الخدمات للسكان، وإذا ما قصرت الحكومة المحلية في أداء مهامها فإن الرقابة المجتمعية والبرلمان المحلي للإقليم سوف يحاسب الحكومة المحلية على تقصيرها وسيكون رد فعله سريعاً، وأقول: لا يخوف من النظام الاتحادي إلا أصحاب مراكز النفوذ خوفاً على تقليصه..
والله الموفق
محمد سيف عبدالله
من مظاهر الحكم الاتحادي أن اللامركزية لا تستبعد المركزية 1404