الهجر والتحكيم القبلي لقبائل حضرموت في قضية مقتل الشيخ "بن حبريش" يمثل إهداراً لقيم الدولة والقانون، ويقدم عبد ربه باعتباره النسخة الجنوبية من " الرئيس/ الشيخ "، ويحمل الدلالات التالية:
أولاً: أثبت الرئيس/ عبد ربه منصور هادي, بعملية الهجر والتحكيم القبلي هذه " مليار ومائتين مليون ريال + مائتي بندق + عشرين سيارة ".. أنه يمارس نفس نهج سلفه علي عبدالله صالح في تغييب الدولة وتغليب قيم وأعراف القَبْيّلةْ، والتصرف كشيخ قبيلة وليس كرئيس دولة.
ثانياً: إذا كان تصرف الرئيس السابق مفهوماً كونه يتسق مع ثقافته القبلية وأسلوبه في قَبْيَّلَةْ الدولة وتغليب القيم والأعراف التي ينتمي إليها وجاء من أوساطها؛ تغليبها على قيم القانون والمواطنة.. فإن مسلك خلفه "الرئيس الجنوبي" وتكراره لنفس الأساليب يثبت أن الانحراف عن قيم الدولة والقانون ليس "طبعاً شمالياً حصرياً" ، ولا يقتصر على رئيس "قبيلي" من الهضبة القبلية العليا، وإنما يمكن أن يقوم به رئيس جنوبي، مما يرجح القول أن جذر هذا الإهدار والانحراف يكمن في ثقافة النخبة السلطوية الحاكمة التي شكلت النظام السابق ودمغها بثقافته، والتي تشمل سلطويين مزاجيين من جميع المحافظات والجهات ومنهم الرئيس عبد ربه منصور هادي، سلطوي يتصرف بمزاجية كشيخ قبيلة وليس كرئيس دولة.
ثالثاً: ما يثير الاستغراب والاندهاش أن يأتي هذا الهجر والتحكيم القبلي من رئيس صعد إلى الرئاسة استنادا إلى ثورة شعبية تنشد إعادة الاعتبار للدولة كمؤسسة، وإعلاء قيم القانون، وطي صفحة " الرئيس/ الشيخ " الذي يتصرف بمزاجية شيخ القبيلة، ويستهين بالقانون والدولة والعدالة وأرواح الناس؛ مواطنين وجنود؛ ويهدر كل تلك القيم العامة على مذبح الأعراف القبلية والهجر ويتصرف كمالك للسلطة والدولة والمال العام وأرواح الناس، وليس كمسؤول ورئيس دولة..
ومن الغريب والعجيب والفاجع أن يمر هذا التحكيم القبلي دون أن يلقى أي نقد أو استنكار من قبل شباب الثورة أو مكونات المجتمع المدني منضمات وأفراداً؛ وهم الذين عرف عنهم النقد الشديد لهذا المسلك من قبل رأس النظام السابق..
خامسا: قبول قبائل حضرموت لهذا التحكيم وصمت المثقفين والكتاب والصحفيين عن هذا المسلك، يثير شكوكاً حقيقية عن ادعاءات مدنية الجنوب، التي تقدم في أحيان كثيرة كسمة جينية للجنوب في مقابل تخلف الشمال وقبليته التي تقدم أيضاً كسمة جينية.
سادسا: إن أي تبرير لهذا التحكيم الهمجي من باب الدفاع عن حق الجنوبي في المعاملة بالمثل "التحكيم القبلي والهجر" والحصول على ميزاتها المادية "بالمليارات"، هذا السجال الدفاعي يثبت أن رفض نهج الرئيس السابق لم يكن مبدأيا وإنما لكونه يعبر عن قبيلته ويتعاطى مع قبائل شمالية؛ فإذا كانت نفس السلوكيات تطبق من قبل شيخ الدولة الجنوبي، ولكن باتجاه قبائل حضرموت أو " قبيلتنا " وال " نا " هنا تشير إلى المساجل المبرر " ؛ فلا مانع. أي أن جذر الخلاف هو التعصب..
سابعا: إن هذا المسلك بهدر قيم الدولة والقانون؛ وبنفس الوقت يهدر قيم العدالة؛ ويستعيض عنها بقيم الانتقام من الشعب عن طريق قيام الشيخ الرئيس الجديد بنهب أموال الدولة تحت مبرر التحكيم والعرف القبلي؛ وتكريس المزاجية في إدارة الدولة..
مصطفى راجح
النسخة الجنوبية من(الرئيس/ الشيخ) 1327