لعل ما جعل واقعنا الراهن يتخبط في متاهات لها أول وليس لها تالي هو أننا و لعقود كثيرة ولّت تقوقعنا حول وجاهات وزعامات ومشايخ وسادة من ورق وزعامات صورية وحنطناها في تابوت مقدس ومكثنا نستظل بجلابيبهم القاتم لدرجة التقديس والتنزيه ورفضنا المساس بقداستهم حتى صار اليمن هم وصاروا أكبر من الوطن في عيون من يطوفون حولهم,, فكانت النتيجة الطبيعية أن وولاءنا للوطن انعدم و صرنا على حالتنا هذه من التناحر والصراع المدمر في وطن يتآكل كل يوم أكثر من الذي يسبقه.. لم نجنِ من ذلك سوى تساقط الأرواح وتصاعد نحيب القهر والألم وتلاشي الأمان من العباد والاستقرار من البلاد..
لم نجنِ من واقعنا السياسي هذا سوى مكايدات ومهاترات وإقصاء للخصوم ومحاولات للإطاحة بهم ,, لم نتعلم من أخطاءنا السابقة أن يعمل الجميع تحت مظلة الوطن من أجل نموه والنهوض به حتى وإن اختلفت توجهاتنا وقناعاتنا يظل هو هاجس الجميع ورقية ديدنهم.
لا أدري لماذا ألِفنا وسِرنا واعتنقنا مبدأ الولاء للأشخاص لا الأفعال وماذا أنجزوه لبلادهم, ومازلنا, وصار كقانون يحتذي به الجميع يشبون ويشيبون عليه ويعلمونه لما بعدهم من جيل, وسيّرنا عليه حياتنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وعجِزنا عن اقتلاعه وتبديله بمبدأ أن الدنيا لن ينقص منها شيء إن كان غيرهم أفضل منهم وما ضير أن يأخذ غيرهم نصيبهم في الحياة العامة والواقع الاجتماعي والوظيفي إن كانوا مؤهلين لذلك طالما أن الزمن أثبت فشل أولئك المحنطين كأصنام لا تنفع لكنها تضر وتفتك..
الانتقال باليمن لأفق رحب أقل عتمة وقبحاً وتخلفاً لا يتأتى إلا إن غيرنا مبدأ أن الحياة لا تستقيم إلا بأشخاص معينة وإن بدلنا مبدأ أنا ومن بعدي الطوفان, إن نجتمع حتى وإن اختلفنا على حب اليمن ولا شيء غير اليمن, فالإنجاز والعمل والولاء للوطن هو ما يفترض أن نبني عليه تقييمنا لكل من يمتلك منصب ما لا كما هو حاصل في واقعنا الراهن حيث تمادى البعض في تلميع وجوه متآكلة وكأنهم الحق كله وما دونهم باطل وإثم حتى وإن كان الوطن.
المصيبة الكبرى أن الإعلام أيضاً حاد عن دوره المنوط به, دوره في بناء الوطن وتجنب كل ما يقوده إلى الفناء وصار يمجد هؤلاء الأصنام وتقدح معارضيهم بسيل من إكالة التهم والشتائم واصطياد العثرات والأخطاء وبالتالي تناسى وهجر القضايا الهامة وتمسك بسفاسف الأمور وغاص واقعنا بمتاهة وفوضى وعبث وهدم سارد في الغي...
علينا أن نكفر بقناعة أن الوطن من دون شخص معين أو أشخاص معينين سوف يتحول إلى ركام وخراب,, علينا أن ننكر فكرة أن شخصاً واحداً بيده ملكوت النجاة والخير كله ..وأن الوطن من دونه أنقاض تبكي بعضها بعضاً.
فالكثير من أعداء الوطن من أصحاب المشاريع التمزيقية يستميتون بضراوة إلى تمزيقه شر ممزق بسيل من حروبهم التدميرية الأكثر شراً وذلك سعياً وراء تقيحات ومصالح سياسية نتنة أو من أجل أجندات خارجية عميلة لا تريد إلا هدم وطننا وبقاءه تحت سعير الموت, وجمر الصراعات.
وكل ذلك بالتأكيد يعصف بكل فرصة نجاة لنا ولبلدنا وعلينا أن نكون حجر عثر أمام كل من يخفي وراء ظهره طعنات غدر لليمن.. وننتصر لكل ذرة رمل تشاركنا هذا النبض الصادح بحب اليمن ولا شيء غير اليمن..
بوح حرف::
وطني ..علمني في غيابك كيف أتهجأ كل اللعثمات؟
وكيف أخطني كحرف من شتات
علمني كيف أتخطأ بك قاموساً من الخيبات
وردحاً من الانكسارات
وزمناً من تنكيس الكرامات..
علمني كيف أنشد الحرية دون أن أُلقي
بك في جب الغوايات.
سمية الفقيه
اليمن...ليس وطناً للأصنام 1269