يبدو أن مسألة الاستئناس في مجتمعنا مسألة مرنة جداً إلى الحد الذي يستأنس فيها وزير بكل أفراد قبيلته حتى لو لم يكونوا على قدر من الانضباط وتحمل المسئولية فمن المضحك أن تجد في إحدى وزارتنا ما يقار بالمائة موظف من قرية الوزير, هذا على مستوى الوزارة فما بالكم حين يتعلق الأمر بالرئاسة وديوان الرئاسة؟!
نعم من حق هؤلاء أن يستأنسوا بأنسابهم وأحسابهم لكن ليس لدرجة التهاون في حقوق الناس وخاصة المستحقون منهم للوظائف والرُخص السياسية!.
أصبحت الشللية سلوكاً طافياً على سطح مجتمعنا, بل ربما وصلت لأن تكون سمة من سمات نرفضها شكلاً وترفضنا مضموناً.
الانتماء الوطني يتضاءل يومياً أمام انتماءات قبلية وحزبية وعقائدية يعتبرها البعض أداة تقييم فعالة لتحقيق مآرب أخرى لعصا السياسية التي لا ترحم.
من يقبل أن يكون بهذا الحجم من الخساسة والدناءة ورداءة الباطن؟!.. لا يقبل بذلك إلا من وضع الوطن خلفه والمصلحة نصب عينيه وكثيرون من فعلوا ذلك.
هذا السلوك العرقي لا يختلف عن السلوك المتطرف الذي يحاول البعض استخدامه كستار لإخفاء التعصب أياً كان نوعه ومهما كان حجمه, فالانحياز للكفة الراجحة لا يعني وجود خصوم أقل إيماناً ووفاء لفكرتهم وإنما يعني أيضاً وجود أنداد ضعفاء في استقطاب الآخرين إلى مساحة فكر أو رأي واحدة.
ربما يلجأ هؤلاء الوزراء أو المدراء إلى استخدام فلسفة العُصبة هروباً من المواجهة المنفردة أمام القانون المحلي على أساس أن القيادة الناجحة لا تعني إلا وجود متمرد ناجح!
وتبقى مسألة جيش الأعوان قائمة ما دام الاختيار مبنياً على منهجية منغلقة لا تكاد ترتقي إلى مستوى التوافق بين المهام والمؤهلات حتى فيما يتعلق بالتسليح الإجباري أو الاختياري.
لكن الالتفاف حول مبادئ رخيصة كالشللية يغربل جمهور المستفيدين منها بحيث يظهر الانشقاق في صفوفها لتكون النتيجة لصالح الأقوياء فقط وهذا يوسع بالطبع دائرة العدوان بين مؤيدين ومعارضين يقفون أمام صنم لا يفقه ما يقول الناس ولا يعلم ما تريده نفسه, لكنه يتخذ من حاجة الناس بساطاً تدوسه قدماه كل يوم.
ولو أن كل وزير أو مدير قرأ احتياج المجتمع وتلمس طاقاته المدربة والجاهزة للخوض في مجال الخدمة الوطنية لوجد ما تقر به عينه وما ينشرح له صدره, لكن العبث بثروة الوطن وخيراته لا زال هو الهدف الذي يسعى إليه وزراؤنا ووكلاؤنا ومدرؤنا ليبقى المتعلمون والمثقفون والمؤهلون من الناس هم الضحية التي تذبحها سلطة المال والسياسة بخنجرها المسموم.
والسؤال: أليس من الازدواجية أن يمارس هؤلاء سلطة التفويض والنقض معاً؟.
ألطاف الأهدل
شلّة الأنس...! 1336