الفردية هل هي لون من ألوان الأنانية؟
وهل يجب أن يتماهى الفرد في الجماعة ليكون عضواً صالحاً؟
في ثقافة ديننا نرى المسؤولية بالمقام الأول فردية!!
وفي الثقافة الغربية الحديثة تركيز كبير على خصوصية الفرد؛ حتى جاز لنا وصم الثقافة الغربية "بالفردية"!
لكن هل تكتمل سعادة الإنسان عندما يتمحور حول ذاته, يفرغ وسعه في خدمتها؟!
في مناهج التنمية البشرية, وفي سيكولوجية النمو, كلام طويل حول الترقي الطبيعي من مرحلة أنا إلى مرحلة نحن..!!
الإنسان السوي يمر- في أولى مراحل بلوغه- بمرحلة الأنا, ويصارع في سبيل إثبات ذاته واستقلاليته..!
وهو حق مشروع يبدأ بتفكير مشوش؛ عبارة عن مزيج من أنانية الطفولة وتضخم مفاجئ للذات؛ فنراه يبالغ في إظهار فرديته, بتطرف وبجنوح نحو تجاهل الغير!
وهذ أمر يتقبله الجميع كمرحلة انتقال من الطفولة للنضج..
لكن المعضلة تتبدى عندما يثبت الإنسان عند هذا المستوى من التفكير والسلوك, ويمضي الكثير من عمره في خدمة هذه الذات والتمحور حولها بأنانية مرهقة للغاية!
الله خلق الإنسان في أحسن تقويم, وجعل له مزيجاً من المسارات النفسية, الأخذة, والمانحة..!
وملئه بطاقات متباينة, طاقات عطاء, وطاقات أخذ..!
الإنسان الذي يعتقد بأن سعادته تكتمل بمزيد من الأخذ والإشباع ألا متناهي.. هو شخص فاقد للتوازن, فاقد لذة السعادة الحقيقية, وإن هو لم يشعر بذلك, فمتعة العطاء توازي متعة الأخذ إن لم تفقها في نواح ..!
الإنسان لن تكتمل سعادته إلا عندما يصبح في حياته أناس يهتم بهم, يمنحهم الحب والرعاية, ويشعر أنه مسؤول عنهم, وأن حياتهم ستصبح مهددة بفقده!!
هنا يجد معنى أكبر لحياته, ويكتمل شعوره بذاته وأهميته, ويلمس كينونته بقوة من خلال وجودهم في حياته, ووضعه لهم في أعلى قائمة اهتماماته..!
كل هذا التنامي, والتكامل, والتوازن يحدث في آية بناء الأسرة..
يصبح الرجل رئيسا لجمهورية الأسرة, وتصبح المرأة رئيسة وزراء هذه الجمهورية.. !
مؤسف أن الكثيرين لا يدركون أنه من هنا تبدأ صناعة الإنسان, وانطلاقة الأمم, ونهضتها, وتفوقها البشري..!!
نبيلة الوليدي
رئيس جمهورية الأسرة ..!! 1313