لأننا نحب هذا الوطن الغالي فإننا نكتب عن سلبيات كل من يسئ إليه, ولأننا نعشق ذرّاته فإننا نعري أخطاء من يشوهونه, ولأننا نثمل بذرات هوائه تكدرنا همومه, ولأننا نريد له العزة والكرامة نحاول أن نكشف كل من يحاول الاصطياد في الماء الآسن لتشويه صورته النقية في نفوسنا ويشكك في انتمائنا إليه والتصاقنا بماضيه وحاضره ومستقبله.
عدم الولاء للوطن والخيانة وجهان لعمله واحدة, الواقع المزري وقسوة الظروف وتفشي الجريمة وانتشار الفساد والموت البغيض في كل أرجاء البلد, كل ذلك أصبح الشغل الشاغل لكل فئات المجتمع ولكل أطيافه السياسية, فالاستياء والتذمر صارا سمة كل الوجوه وشعار كل فرد يعاني كآبة الواقع ومآسي الفقر والجوع والبطالة والجريمة المتقشية, وبالتأكيد إنها مسلّمات وواقع مفروض نعيش تجلياته ونتائجه السلبية في شتى حاضرنا ويشكّل خطراً مرعباً على مستقبلنا المجهول.
ولكن هذا كله لا يعطي الحق لبعض ضعفاء النفوس في الإساءة للوطن واتهامه بأبشع الصفات وبأنه وطن لا يستحق من الفداء والانتماء إليه, ليحولوا نزقهم وتذمرهم إلى دعوة للكراهية والنيل منه, فنسمعهم ونراهم يجرونه إلى مزيد من الهدم والفتن وقد تحولوا إلى ناقمين عليه يزرعون فيه بذور شرورهم وإرهاب نفوسهم الحاقدة وأفكارهم وتصرفاتهم الشيطانية التي لا هدف لها إلا تدميره والنيل منه.
فما ذنب الوطن إن كان هناك نفوس شاردة من المجون وما ذنبه في وجود ضمائر خالية من مفردة الوطن مازالت تتكاثر كسرطانات فتاكة في كل زواياه وأرجاءه وباتوا يشكلون الخطر الكبير والهم الأكبر ويزرعون الجرائم وينتجون الأزمات ما ظهر منها وما بطن وهم سبب كل مآسينا ومشاكلنا وهم من يجب أن نقف في وجه شرورهم لكشف مآربهم الدنيئة لا أن نكون أبواقاً جوفاء نحرض على اغتيال بلد صار ذبيحاً من الوريد إلى الوريد ونقتل انتماءنا إليه بسببهم لأنه وبالتأكيد بريء منهم ومن أفعالهم التخريبية وبريء من اغتيالهم لكل خيراته وغير مسؤول عن أعمالهم .
ولأنا لليمن ومحاربة من يحفرون قبورنا ببشاعة أعمالهم وفضح مخططاتهم الشيطانية هو ما سيجعله كبيراً دائماً وثابتاً وغير قابل للرهان والمزايدة وحتماً سينجو من كل المؤامرات التي يحيكها المتربصون بأمنه وتاريخه وبشعبه الطيب الصابر على كل المرار, وسيظل الوطن شمساً مضيئة في ضمائرنا لن يعيقها كثافة الغبار مهما تمادى وانتشر ومهما تمادى في بث سمومه و مخالبه.
نأمل أن نفرق دائماً بين الوطن وبين منْ هم سبب كل المنغصات والمعوقات والعراقيل والأزمات والواقع المقيت الذي يغتالنا في اليوم ملايين المرات, فالوطن أغلى وأكبر وأعظم من هؤلاء النكرة وهو حتماً برئ منهم!.
سمية الفقيه
الوطن بريء منهم !! 1296