إن الشريعة الإسلامية شريعة كاملة عادلة متوازنة ، شرعها الله سبحانه وتعالى لإسعاد البشرية في الدنيا والآخرة، وكان من توابع هذا لإسعاد أن راعت الشريعة مصالح العباد دون أن تحابي أحدا على حساب آخر، فلم تحاب الرجل على حساب المرأة ولا العكس ، كما لم تحابِ الصغير على حساب الكبير وهكذا ، وفيما يخص النساء في الذمة المالية الأدلة كثيرة ، فعلى سبيل المثال : يقول ربنا سبحانه وتعالى : {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (228) البقرة , أي لهن حقوق من حقوق الزوجية على الرجال مثل ما للرجال عليهن , قال القرطبي: والآية تعم جميع ذلك من حقوق الزوجية , ووجه الدلالة من الآية: إذا كان الرجل له حق التصرف في ماله ، فللمرأة حق التصرف في مالها، وإذا كان للرجل ذمة مالية فلزوجة ذمة مالية أيضا .
ويقول تعالى :{فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} (237) البقرة , ووجه الدلالة في هذا القول الكريم أن الله سبحانه وتعالى فرض للمرأة المطلقة قبل الدخول نصف المهر , إلا أن تعفو المرأة أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ، ولا يمكن أن تعفو إلا إذا كانت لها ذمة مالية مستقلة، وتأكيداً على ذمتها المالية وحقها قدم عفوها على عفو ولى نكاحها.
ويقول تعالى :{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} (3) البقرة .
ولا شك أن هذه الصفات هي صفات المؤمنين، والمرأة من المؤمنين المطالبين بتحقيق هذه الصفات، ولا يمكن أن تنفق مما رزقه الله إلا إذا كانت ذات ذمة مالية مستقلة, ومثل هذه الآية الكريمة.
قول تعالى : {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ} (177) البقرة .ومثل هذه النصوص كثيرة جدا ...
وللمرأة ذمة مالية كاملة لا تنقص شيئا عن ذمة الرجل المالية ، فلها حق تملك جميع أنواع الأموال من عقارات، ومنقولات، وأموال سائلة (نقود) ، كالرجل سواءً بسواء ، ولها حق التصرف بمختلف أنواع التصرفات المقررة شرعا فيما تملكه ، فلها أن تبيع ، وتشتري ، وتقايض ، وتهب ، وتوصي ، وتقرض ، وتقترض .. إلخ ، وتصرفاتها نافذة بإرادتها الذاتية ، ولا يتوقف شيء من ذلك على رضا أب أو زوج , أو غيره مثلها مثل الرجل وللمعلم بقية . والله الموفق
محمد سيف عبدالله
التساوي في الذمة المالية والتملك 1214