بالتقسيم الجغرافي للوطن إلى أقاليم متفاوتة في مساحتها وثرواتها وكثافتها السكانية يصبح من الضروري وجود قانون وطني قادر على التفاعل مع مخرجات التقسيم بشفافية عالية بعيدة عن التجاوزات القبلية والعرقية التي لا تخدم إلا فئات قليلة لا تمثل إلا نفسها فقط.
وعلى سبيل المثال فإن إقليم الجند سيكون إقليم الجياع إن لم يكن بمقدور الدولة إيجاد الفرص الاقتصادية الناجحة والملائمة لنوع الثروة التي يملكها هذا الإقليم على تفاوت شرائحه الاجتماعية واختلاف تضاريسه الجغرافية التي تجعل من الصعب تحديد الأنشطة والمشاريع الاقتصادية فيه، فالأمر يتطلب التخطيط الجيد والنزاهة الكاملة والحيادية التي تجعل مصلحة الشعب في قمة الهرم الاقتصادي الجديد الذي نأمل أن يحقق للإنسان اليمني شيئاً من الاستقرار المفقود منذ عقود طويلة مضت كثرت خلالها الثورات والاغتيالات والهبات الشعبية مقابل تراجع كبير في حجم الثروات البيئية والفكرية إلى الحد الذي جعل بلادنا على رأس قائمة الأوطان الأشد فقراً وتخلفاً وجهلاً.
لذا فإن الاستمرار في قبول التقسيم الجغرافي لليمن سيعقبه تقسيم إجباري لعقيدة وفكر وشخصية الإنسان اليمني إن لم ينتبه الدعاة إلى التقسيم الاتحادي إلى أهمية وجود التشريع القانوني الجديد والصارم والقادر على احتواء كل تلك الفجوات التي يعاني منها مجتمع العادات والتقاليد والأعراف السائدة التي غالباً ما تلغي وجود القانون في مسلسل التحكيم المحلي، في تعز تحديداً تعيش ثقافات إنسانية مختلفة يرى بعضها في مسألة الانقسام الجغرافي عورة سياسية لا يمكن أن تخفيها أثواب الثورة والأزمة أو الفتنة السياسية التي مر بها الوطن، بينما يرى آخرون هنا أن هذا التقسيم سيعيد الاعتبار لتعز كعاصمة تاريخية، ثقافية، ثورية على المدى القريب والبعيد معاً. وبين هؤلاء وأولئك لابد من وجود فئة ثالثة قد لا تعاني الجوع ولا تهنأ بالشبع لكنها أيضاً تبحث عن وطن له جذور عميقة وأغصان ممتدة وثمار تتدلى إلى أفواه الناس بلاد عناء أو مذلة، إقليم المثقفين لن يكون كتاباً للشعر وقصص الخيال الأدبي وروايات طوال تعكس مساحة الألم التي تسكن كل من عاش في تعز أو مر عليها مرور الكرام.. لكنه ـ أي إقليم الجند ـ سيكون بطاقة دعوة لثورات قادمة ستجعل من كل حي في تعز إقليماً مستقلاً عن الآخر، إذ لا يجب أن ننسى طبيعة التقسيم الطبقي في تعز وحجم التفاوت المعيشي الذي يعانيه سكانها بعد أن أصبح حضرها ريفاً وريفها حضراً.
ألطاف الأهدل
إقليم الجياع..!! 1376