تكررت الجرائم البشعة بمحافظة حضرموت والتي استهدفت الجيش والأمن وكل مرة تأتي أبشع من سابقتها، وبصور لا تمت للإنسانية ولا لأي دين سماوي أو حتى الى سلوك الحيوانات المتوحشة التي لا عقل لها، هذه الجرائم المتكررة للأسف لم تواجه بالمكافحة بنفس قوّتها واستعدادها، من قبل الدولة والحكومة، اللهم الا بالشجب والإدانة والاستنكار، وإن كانت في هذه المرة قد شهدت تحرُّكاً من قبل الأخ وزير الداخلية بإيقاف مدير أمن حضرموت ومدير فرع قوات الأمن الخاص، وتشكيل لجنة للتحقيق، وإن كان حجم الجريمة يتطلب اجراء أكبر من هذا ليس من قبل الاخ الوزير فحسب، ولكن من قبل الاخ رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق، بحاجة لقرارات وإجراءات تعيد للدولة هيبتها، كون وضع المحافظة بأمس الحاجة لذلك، وسبق لنا اثناء مؤتمر الحوار نحن مجموعة أسس بناء الجيش ان زرنا محافظة حضرموت واطلعنا على أوضاعها عن كثب بعد ان التقينا بالأخ المحافظ ومدير الامن وقائد المنطقة العسكرية وقادة الألوية وكثير من منظمات المجتمع المدني بالمحافظة وبنخبة من الشباب، وزرنا شوارع المدينة، فوجدنا معظم ابناء المحافظة يشكون من الإهمال والتفلُّت الأمني المتعمد وشح الإمكانات وانتشار الفساد دون حساب، حتى انهم قالوا لنا انه ومنذ اندلاع الثورة السلمية وحتى لحظة زيارتنا للمحافظة لم يغير فاسدا واحدا من مكانه في المحافظة، وان المواطن أينما يتجه لا يجد انصافا، واذا بلغ عن جريمة فإن حياته تصبح في خطر من قبل المسلحين الذين كثير منهم من خارج المحافظة ولا يستطيع احد الوقوف أمامهم، اما الجيش والأمن فقد كانت شكوتهم اشد ايلاما، فهم يشكون انهيار المعنوية وضعف التسليح و ندرة الإمكانات، وكانت احدى اجتماعاتنا في مقر المنطقة العسكرية التي تم اقتحامها فيما بعد من قبل المجرمين.
دونا كل ما شاهدناه وسمعناه واحسسنا به في تقرير مفصل مكون من 22 صفحة عكفت على تبييضه وتنقيحه بعد عودتنا الى صنعاء ليلتين متواصلتين وتم تسليمه للأمانة العامة بمؤتمر الحوار، ولخصت بعضه في مقال مختصر، ومعظم ما حدث من جرائم فيما بعد حذرنا منها في تقريرنا سالف الذكر وطلبنا ضرورة نزول وزيري الدفاع والداخلية بصورة عاجلة الى حضرموت لإصلاح الاختلالات الامنية والعسكرية قبل أن تقع الفأس بالرأس، كما طالبنا بضرورة توفير الامكانات المادية وتطهير الجهاز الاداري من الفساد الممنهج، ولكن كل كلامنا ذهب إدراج الرياح.
إن الوضع في حضرموت مازال اخطر من الجرائم التي ارتكبت رغم بشاعتها، ويجب ألاّ يُكتفى بتصريح الإدانة واتهام القاعدة بعد كل جريمة، فالوضع في حضرموت يتطلب يقظة حقيقية للدولة والحكومة، ووضع المعالجات السريعة والحاسمة برؤية وطنية واختيار أكفأ وأنزه العناصر لإدارة المحافظة في كل مرافقها، ورفدها بأكفأ وأنزه العناصر العسكرية والأمنية من اعلى القيادة الى مستوى الجندي، ويجب الاّ تترك هذه المحافظة الهامة لتعبث بها الأيادي النجسة الداخلية والخارجية ونبقى مكتوفي الأيدي مسلوبي الإرادة، فالسكون بعد الآن اعتقد أنه خيانة وطنية وتواطؤ مع هذه المخططات الهدامة ومع المجرمين سواء بقصد أو بدون قصد.. والله من وراء القصد.
عضو مجلس النواب
محمد مقبل الحميري
حضرموت إلى أين ؟ 1463