تـُقدم سلطات الانقلاب العسكري في مصر الدليل تلو الآخر على أن ما قامت به وخططت له قبل 30 يونيو وبعده - أي في 3يوليو - كان انقلاباً عسكرياً على رئيس منتخب ديمقراطياً في أول انتخابات حرة ونزيهة تشهدها مصر... وأن ما قامت به لم يكن انحيازاً للشعب وللملايين التي خرجت في 30 يونيو كما يروجون ويدعي البعض من السادرين في أحقادهم ومصالحهم.
منذ الدليل الأول ...في اليوم الأول للانقلاب يوم أن قاموا بحرق مقرات الإخوان ..وإغلاق كل القنوات التي كانت مؤيدة للشرعية وترفض الانقلاب, أو لم تنجر مع موجة التضليل الإعلامي للشعب وشيطنة الإخوان.. مروراً بزج المخالفين لهم والمتظاهرين ضد الانقلاب في السجون.. واقتحام ساحة رابعة وغيرها وما خلف من شهداء وجرحى ...
إلى أخر دليلين وهما الحكم على 529 إخوانياً بالإعدام دون محاكمة وفي ظرف أقل من يومين ..كفضيحة كبرى جعلت كثير من الصحف الغربية تتناول هذا الخبر بالكثير من السخرية.. ومن ثم إعلان المشير السيسي – بالبزة العسكرية – استقالته من منصبه وترشحه لمنصب رئيس الجمهورية... بعد أن أكد مراراً أنه ليس له أو لأحد من الجيش أي طموح للرئاسة0
كل ما سبق من الوقائع والجرائم والفضائح لم تكن كافية لتغيير قناعات وتفكير الكثير من المحسوبين على الحداثة والمدنية والديمقراطية
والتي كانت – أي فضائح الانقلابيين – بمثابة قطع الخيط الوهمي الذي يربط بينهم – أي أولئك المثقفين الحداثيين - وبين تلك المعاني التقدمية المثالية وكشفت عن سوءتهم وعن معدنهم الديمقراطي المدني المزيف وأدخلتهم في اختبار صعب أمام إنسانيتهم وقد خرجوا منه فاشلين0
00كان باستطاعة سلطات الانقلاب إحراق الإخوان إعلامياً وشعبياً وضربهم في مقتل لو أنها وظفت أكثر من 14 مليار دولار- إضافة إلى كميات من المشتقات النفطية - حصلت عليها من بعض دول الخليج مباشرة دون شروط أو تأجيل كما حصل مع القليل من المليارات التي تعهدت بها بعض تلك الدول لبلادنا 000
كان باستطاعتها دعم اقتصاد مصر وتوفير حاجيات المواطن المصري الغلبان
لكن ما حصل هو العكس فالوضع في مصر أصبح سيئاً للغاية 00لأن هذه الأموال ذهبت في شراء الذمم هنا وهناك وقد كانت – في الأساس - دعماً للانقلاب وليس لمصر والشعب المصري
أسفي على مصر الكنانة قد غدت
تبكي الأمان وحلمها المغدورا
والنيل يمسح بالدماء دموعــــه....
وينام فوق لظى الجراح حسيرا
اليوم عادت مصر رسمياً لحكم العسكر.. وقد كانت أول دعاية انتخابية لهم هو ذلك الحكم المضحك بإعدام 529 إخوانياً كسابقة أولى في التأريخ الإنساني 00إضافة إلى حصول الراقصة فيفي عبده على لقب الأم المثالية من بين كل نساء مصر00 ورحم الله المتنبي وهو يصيح من قبره:
وكم ذا بمصر من المضحكات
ولكنه ضحـــكٌ كالبكاء
00وحدها رابعة – كرمز للحرية وللمقاومة – استطاعت أن تبقى شمعة مضيئة في وجه جيوش الظلام المتغطرس
(( رابــــــــــعة ))
أرادوك ســـاجـــدة راكـــعـــة
بـسـاحـتهم .. ولــهـم تـابـعة
أرادوك قــبــراً لــنــور الـربـيـع
و نـــــاراً لأزهــــاره الـطـالـعـة
لأن ضــيـاءك يـــؤذي الـلـئـام
و تـفـضحهم كـفّـك الـساطعة
وكـــم حـاولـوا- عـبـثاً- ثـنـيها
وإحــنــاء قــامـتـك الــفـارعـة
ومـن كـل صـوب أتـوك ولـكن
دمـــاؤك كـانـت لـهـم مـانـعة
وأعـلنت في وجه كل الطغاة
كـعـنقاء – زهــواً– أنــا رابـعة
أنـا الـحق في مقلتيّ يصلي
ومــن خـلـفه أنـجمي راكـعة
لأنـــكِ حــضـنٌ لــكـل أبـــيّ
رأى ســــود أيــامـه راجــعـة
وحـــرّ أتــاك اشـتـياقاً لـكـيما
يــعــيـد كــرامـتـه الـضـائـعـة
فـكـنـت مـجـرّة كــل الـضـياء
بـوجـه الـظـلام ومــن بـايـعه
وسطرت للمجد سطراً جديداً
حــــروف تـبـاشـيـره نـاصـعـة
ســلامٌ أيــا قـبـلة الـحـالمين
وسـاحـة أرواحـنـا الـخـاشعة
سـلامٌ عـليك على الشهداء
مـصـابـيح أحـلامـنا الـوادعـة
جلال الحزمي
مصر الانقلاب... 1187