بالكاد أدركت مرور يوم الأرض , ككائن غريب ...!
مر وحيدا دونما جماهير تستقبله , وتهلل معه , وتردد هتافاته الخالدة .. ثم تودعه , وترجع لتعيش بعده , من جديد في بلادة خدر عجيب ..!!
في هذه المرة , لم تتجهم الوجوه لمرآه , حاملا عصى رحلته الأبدية , الثائرة في وجه عدوان قديم , أثم ..!
لم نستثقل مجيئه , مشعلا نار الانتقام الموؤدة , لكبرياء سحقت في أعماقنا ..!
لم يتذمر البعض قائلا :
ما أسرع عوده ..ليته لم يجيء ..ليته لم يمر بديارنا , يشدو بنايه الحزين أهزوجة الهزيمة المرة ..!!
لم يحدث شيء من ذلك ؛ لأنا لم نشعر بمروره أصلا ..!!
في الزمن الماضي , وفي مثل هذا اليوم من كل عام كنا نغني طويلا للأرض المباركة , ونهتف بكل جوارحنا , وبملء حناجرنا : ستعودين يا قدسنا الأسيرة..!
كانت القنوات العربية تحيي الذكرى بالعديد من الأفلام , والبرامج والأناشيد الوطنية الغاضبة ..وكانت منابر الجمعة تضج بالخطب الحماسية , كنا نحيي المهرجانات في الذكرى الأليمة , ونرقص وجعا ..!!
كنا لانفعل سوى ذلك ؛ ولكنا على الأقل كنا نشعر بها كجزء من جسد الأمة مجروحا , نازفا انكسارا نريد له زوالا ..!!
واليوم ماذا يحدث لنا ؟!
هل تكاثرت الجراح على العربي فما عاد يدري ما يداوي ؟!
أم هل بخلت فضائياتنا العربية المتكاثرة " كفطر عفن " عن منح جزء من وقتها لهذه الذكرى الهامة ؟!
أم هو الخنوع الممنهج لتركيع العربي ؟!
غزو لمساحات الوجدان ؛ ليصبح كسيرا , ذليلا , عاجزا حتى عن مجرد الرفض , والتعبير عن الثورة بفعاليات جماهيرية هزلية ..!!
يا لها من خيانة عظمى للقضية !!
سينشأ جيل بأكمله , لا يعرف عن ملحمة فلسطين سوى النزر القليل ..!!
لن تنمو في وجدانهم الحمية لها , الانتصار ..الإحساس بها ..
عجزنا عن القيام بمهمة الإبلاغ , وتسليم الراية للجيل القادم ..؟!
عجزنا حتى عن العزف على وتر الألم , والرقص على الجراح ..!!
نبيلة الوليدي
أين الراقصون على الجراح..؟!! 1274