ما كنا نتوقع أن تضيع هيبة الدولة إلى درجة أن يتم الإفراج عن القاضي (محمد السروري) من خاطفيه عن طريق وساطة قبلية ويُترَك الجناة دون القبض عليهم وإحالتهم إلى القضاء لينالوا العقوبة الزاجرة لهم والرادعة لغيرهم.
وفي اعتقادي أن فك أسر القاضي دون القبض على خاطفيه ليس مُؤمناً لحياة القضاة وأعضاء النيابة بالمستقبل مع عدم توفر الحماية اللازمة لهم من الجنود أو الشرطة القضائية وهذا الحل لا يختلف عن الحلول السابقة التي اتُّخذت بشأن اختطاف بعض القضاة أو الاعتداء عليهم ولو كانت نتائج حل الاعتداءات السابقة قد تدخلت فيها الدولة بكل قوة وعاقبت المعتدين بكل حزم وبما يتفق مع الشرع والقانون لما حدث ما حدث أخيراً ولا نستبعد في ظل هذه الأوضاع المتردية أن يقوم الخاطفون والمجرمون من بعض القبائل باختطاف هذا القاضي أو ذاك في أي محافظة من المحافظات في الأيام القادمة ويتم إضراب القضاة وتعطيل العمل بالمحاكم والنيابات من جديد وتتوقف عملية التنمية والاستثمار وتُعطل قضايا الناس وتضيع حقوقهم بسبب الإضراب بَيْدَ أن الحل الأمثل بعد الإفراج عن القاضي السروري ليس استمرار الإضراب ولكن تعليقه والقيام بمتابعة المختطفين وإحالتهم إلى القضاء ونزع الصفة الضبطية القضائية عن المتورطين من الضباط والأفراد والسلطة المحلية المتواطئين مع الجناة وإحالتهم إلى القضاء ليتم محاكمة الجميع في جلسات علنية يشاهدها جميع أفراد الشعب حتى لا يفكر أحد في ارتكاب مثل هذه الحماقات فتدخل الدولة لبسط هيبتها بالضرب بيد من حديد أمر ضروري ولازم لاسيما وأن وزير الداخلية الجديد اللواء (عبده حسين الترب) رجل ذكي وشديد وظهر حزمه في عدد من إدارات الضبط في المديريات والمحافظات وتم إلقاء الضبط على عدد من الجناة الفارين من وجه العدالة والذين لم يتم القبض عليهم إلا في عهده بمعنى أنه يجب على كلاً من نادي القضاة ومجلس القضاء تكليف الداخلية بسرعة إلقاء القبض على الخاطفين لأن مثل هذه الظاهرة تعيق تحقيق العدالة فمن لا يستطيع حماية نفسه من القضاة لن يستطيع حماية الآخرين ولن يكون قادراً على الحكم على الأقوياء والنافذين وإنما على الضعفاء والمساكين. واللافت في هذه القضية أن الخاطفين قد استهانوا بالقضاء إلى درجة أنهم لم يقوموا في هذه المرة حتى بتقديم (الوصلة والهجر) للقاضي على غرار ما كان يعمله الجناة في اعتداءات سابقة وهذا تطوراً خطير حيث أصبح الاعتداء على العدالة أمراً عادياً في نظر الخاطفين والحقيقة أنه من العيب والعار وصول الأمر إلى أن ثمن الاعتداء على القضاء هو( الهجر والوصلة ) فهذا ما يزيد الطين بله ويذهب بهيبة القضاء والدولة وعندنا قوانين عقابية رادعة لو أنها طُبِّقت ضد الجناة ونحن نأمل تفعيلها في الواقع كي يُعاد للدولة هيبتها وللقضاء عافيته وللعدالة روحها وللمواطن قيمته وللحقوق حمايتها.
أحمد محمد نعمان
ضَمَانَةُ حِمَايَةِ القُضَاةِ لآزِمَة! 1017