العالم بأكمله- ليلة الاثنين- ظل مشدوداً إلى نتائج الانتخابات التركية المحلية بين منتظر السقوط، ومنتظر الصمود، بين محبين لتركيا بقيادة أردوغان ومبغضين لها.. إنها أول انتخابات محلية تشد العالم لها لأنها جاءت كاستفتاء على بقاء حزب العدالة والتنمية قائداً لتركيا الحديثة بعد معارك سياسية دموية انقلابية طاحنة شهدتها المنطقة بين دعاة الحرية ودعاة الديكتاتورية، بين دعاة العزة ودعاة الذلة، بين دعاة الرق الجماعي للشعوب، ودعاة الانطلاق الحضاري للشعوب، بين مشروع الصهينة وأذنابه وبين مشروع هوية الأمة ونهضتها.
فقد راهن المتآمرون على الأمة أن يلحق أردوغان وحزبه بمرسي وجماعته ويسقط العملاق الذي جعلهم يرون أنفسهم بجواره أقزاما، وهذا ما سعت له إسرائيل وأذنابها في المنطقة وقاموا بهجمات استباقية ﻻ أخلاقية وصلت إلى حد التجسس القذر الذي لم يراع حرمات وﻻ محرمات والذي قاده جماعة "فتح الله كولن" القابع في أميركا والذي ﻻ شك أنه متعاون مع أجهزة استخباراتية إقليمية وغربية..
إن الرهان الخاسر شكل صفعة مدوية لدعاته عندما انقلب السحر على الساحر، فمعركة التسريبات والاتهامات والدوﻻرات والتحالفات جابهها الشعب التركي بدرع المنجزات الحضارية التي حققها اردوغان وحزبه.
وكنت قبل الانتخابات بأيام قد أجرت قناة تركية مقابلة معي فقلت "اذا كان الشعب التركي يستحق النعمة التي يعيشها فسيحافظ عليها وإن كان لا يستحقها فسيركضها بقدمه".. وفعلا أثبت الأتراك أنهم شعب عرف طريقه وحافظ على مكانته التي يستحقها بين الأمم.
إن الفرحة التي أعقبت فرز النتائج والتي شملت كل المؤمنين بأن الإسلاميين هم الأقدر على حمل الأمانة في قيادة الأمة من غيرهم, كانت بمقابل حزن وبؤس أصاب كل المتآمرين على المشروع الحضاري الإسلامي ونقول لهم ليس بقوتكم وأموالكم تستطيعون أن تفعلوا ما تشاؤون ولكن الله يفعل ما يشاء..
إن الشعب التركي قدم بلسماً ليخفف به من ألم جراحنا الذي ما زال ينزف في فلسطين وسوريا ومصر والعراق وأفغانستان وبورما وأفريقيا الوسطى، وهي انطلاقة جديدة لمشروع أمل الأمة.. إن حزب العدالة والتنمية خرج من بين المؤامرات أكثر قوة وصلابة وشعبية بعد أن نفث الخبث الذي كان عالقاً به (جماعة فتح الله كولين) فهو قد خاض هذه الانتخابات لأول مرة بمفرده بعد دعم جماعة "فتح الله كولين" للعلمانيين والتي كانت تظن أنها قادرة على إسقاط اردوغان وكذلك بعد التحالفات التي حدثت على مستوى كل محافظة بين قوى المعارضة وهكذا صمد المارد التركي ولم يسقط، وهذا بفضل الله تعالي الذي يستحق الحمد والشكر وحده وإلى نصر قريب آخر بإذن الله.
محمد بن ناصر الحزمي
صمد المارد التركي ولم يسقط 1101