حقيقة نحن مع المطالب المشروعة لنادي القضاة الكفيلة باحترامهم وبقاء هيبتهم واستقلالهم وحمايتهم عدا أننا لا نتفق معهم باستمرار الإضراب المعلن بيان من النادي لأن مطالبهم لم ولن تتحقق (بالإضراب) لوحده الذي يعتبر عقاباً للشعب اليمني وللمتقاضين وليس عقاباً للخاطفين والمتورطين من الضباط والقادة الآمنين فالشعب اليمني أصيلاً في أخلاقه وتعامله واحترامه للقضاة وكذلك المتقاضون .
ومطالب النادي في بيانه الأخير المعلن في وسائل الإعلام مشروعة عدا استمرار الإضراب فذلك غير مقبول وغير مشروع وعلى النادي إعادة النظر فيه ولزوم استعمال مسائل أخرى لحل المشكلة منها تشكيل آلية من القضاة لمتابعة تحقيق مطالب النادي المختلفة على أن ترفع للنادي ما تحقق منها أولاً بأول وعلى النادي بيان ذلك للرأي العام وإني لاستغرب كثيراً عندما نتبادل الحديث مع بعض القضاة حول استخدام الآلية المشار إليها آنفا في تنفيذ المطالب ودور مجلس القضاء والنادي في إصدار الأوامر والتوجيهات للسلطة التنفيذية بسرعة إيصال الجناة المعتدين.
لكنك تجد هذا القاضي أو ذاك يرد بالقول ببرودة (لا) هذا مش علينا ولكن على الدولة طيب يا إخواننا القضاة من هي الدولة التي تقصدونها أهي أمريكا أم هولندا أم ايطاليا أم هي الدولة التي أنتم جزء منها بل وأهم سلطة فيها خوَّل لكم الدستور والقانون توجيه بقية السلطات بما تريدون وعليهم تنفيذ توجيهاتكم فبالله عليكم هل انتم مقتنعون أن يكون من مبررات النادي الاستمرار في الإضراب بسبب الاعتداء على أرضية النادي في الحديدة أو في صنعاء فباعتقادي أن الإجابة منكم ستكون (بالنفي) لأن أي اعتداء على ممتلكات النادي من قبل أفراد أو جماعات لا يجوز أن يكون مبرراً لتوقف القضاة عن أعمالهم وإغلاق المحاكم والنيابات وإنما يتولى النادي بنفسه أو بمن ينوب عنه قانوناً متابعة الجناة المعتدين وحماية حقوق أراضي النادي وممتلكاته لاسيما وأن المعتدى عليه جانب قوي يملك السلطة وإصدار الأوامر والتوجيهات وليس طرفاً ضعيفاً لا يملك السلطة أو المواجهة أو المال أو الوجاهة والقدرة على المتابعة وطالما والأمر كذلك فنحن نتوقع أن تأتي الأيام القادمة بما لا يخطر على البال كأن يعلن النادي الإضراب الشامل بسبب خلاف أسري بين قاضي أو عضو نيابة وبين أسرته بسبب حقوق شخصية أو ميراثية أو بسبب خلاف بين القاضي وبين جيرانه ويستمر الإضراب حتى تُحل مشكلة القاضي مع أسرته ويُعطى القاضي نصيبه إذا كانت المشكلة بسبب قسمة أو ما يدعيه بشان موضوع آخر لأن ما يُقدم الآن في بعض المطالب المسببة للإضراب هي أشبه بما ذكرناه كالقول بالاعتداء على أرضية النادي كما أنه لا يُستبعد أن يعلن النادي الإضراب الشامل بسبب اختلاف أولاد القاضي فيما بينهم لأنه سبب لإرباك والدهم القاضي وإقلاقه عن إدارة الجلسات وهو ما يستوجب معه الإضراب في نظر النادي حتى تُحل مشكلة أولاد القاضي وهلم جَرّ من هذه الأسباب الواهية التي ما كان يبغي لنادي القضاة أن ينزل عندها وإنما عليه أن يرتقى بنفسه في تحمل مسئوليته أمام الله والتاريخ لأن وضع الدولة الحالي لا يتحمل الإضراب لاسيما وأنها تواجه مشاكل عصيبة (حراك وقاعدة وحوثيون وإضرابات للعمال في بعض المؤسسات والهيئات ) ولابد أن يتماشى القضاة مع الوضع الحالي كونهم جزء من الشعب وسلطة قوية في الدولة تستطيع الوصول إلى حقوقها بكل بساطة ويسر لو أن الآلية المكلفة من النادي قد قامت بالمهمة أما أن يبقى القضاة في بيوتهم والنادي في مقره منتظرين الإنصاف دون اتخاذ الطرق الدستورية والقانونية فلن يصلوا إلى نتيجة.
وسيكون مثلهم كمثل ذلك الرجل المسكين الذي ظل في منزله منتظراً للرزق دون أن يأخذ بأسبابه المشروعة وكل ما قام به هو رفع يديه إلى السماء قائلاً (اللهم ارزقني عنباً وافقسها في لقفي) فيا قضاتنا الأجلاء لقد كرمتكم الشريعة الإسلامية الغراء وأمرت بحمايتكم وإغنائكم عن الحاجة وبتحصينكم من أي اعتداء أو مساس بحقوقكم وذلك ليس لشخصكم ولكن للرسالة السامية التي تحملونها والتي تتطلب منكم الاستقامة والنزاهة والخلق الكريم والصلابة في تنفيذ الحق وتحقيق العدل والإنصاف بين الناس فإلى العمل وترك الإضراب وقلوبنا معكم ونحن جنود لحمايتكم وحراس للعدالة فالقضاء العادل أساس الدولة وسر بقائه.
أحمد محمد نعمان
اسْتِمْرَارُ الإضْرَابِ لَيْسَ حَلاً (أيُّهَا النَّادِي ) 1156