بعد أكذوبة ظلت الولايات المتحدة الأمريكية ترددها لفترة طويلة من الزمن، واستطاعت من خلالها خداع كل شعوب العالم تجاه بلد عربي كان له مكانته الكبيرة والمهمة داخل الوطن العربي، وله أهميته الجيو سياسية على الساحة الدولية ككل.
إنها أكذوبة - أسلحة الدمار الشامل - التي باسمها أحتل العراق العظيم بعد حصار دولي جائر عليه دام لعدة سنوات زاد معه العراق ازدهاراً في شتى المجالات الحيوية.
وعندما رأت الولايات المتحدة الأمريكية أن هذا الحصار قد أعطى نتيجة معاكسة عما كانت تتوقعه، قرر حينها سيد البيت الأبيض أن الحرب وحدها من ستكون كفيلة لتدمير العراق، فبدأ يعد للحرب وشجعه على ذلك ما يكنه الجوار من حقد كبير لصدام حسين ولنظامه القوي.
وفي يوم الأحد الموافق 9مارس 2003م زحف الجيش الأمريكي عبر المنافذ العربية - الخليجية - البرية والبحرية صوب العاصمة العراقية بغداد، وهكذا صار العراق بلداً محتلاً تحت إدارة الحاكم الأمريكي "بليمر " بعد أن قضي على النظام العراقي في ذلك الوقت بشكل كلي.
ماذا بعد؟
حققت الولايات المتحدة الأمريكية حلمها الكبير بتلك الحرب وهو حلم تدمير الدولة العراقية، وجنتا معها إيران وإسرائيل فوائد كبيرة، ووحدهم العرب من ذاقوا مرارة الفشل والهزيمة حتى يومنا هذا.
وكان أشدها على حكام الخليج الذين وقفوا مؤيدين لذلك الغزو القبيح على العراق، وعملوا جاهدين في تقديم الدعم اللوجستي لتلك الحرب الحمقى.
واليوم تبين لزعماء الخليج أنهم قد ارتكبوا خطأ فادح حين أعلنوا سراً وقوفهم إلى جانب الحرب الأمريكية ضد دولة العراق، بعد أن شعروا بجدية الخطر الإيراني الذي يتربص بهم، وأن نظام الملالي في طهران ينظر إلى دول الخليج اليوم على أنها فسيفسات يجب أن يرصع بها تاج كسرى.
وما يخيف دول الخليج بشكل أكبر اليوم هو أن الحرب الأمريكية على العراق قد جعلت الدول الخليجية تخسر نظاماً عربياً كان معاد للدولة الإيرانية بالأمس وأبدلتها نظاماً عقائدياً حليفاً لإيران اليوم.
وفي المقابل أدرك الكيان الصهيوني بعد الاحتلال الأمريكي للعراق أنه لم تعد هناك من دولة عربية تحمل القضية الفلسطينية محمل الجد، ولذلك رمى بخارطة الطريق في سلة المهملات، ويوجد هناك اليوم تقارب خليجي إسرائيلي بشأن القضية الفلسطينية وهو تقارب في الحقيقة يحدث على حساب القضية الفلسطينية ذاتها، وما شجع أكثر في وجود هذا التقارب الخليجي الإسرائيلي هو ما ذهب إليه النظام الإيراني الجديد من مفاوضات جادة بشأن ملف إيران النووي، والذي استحال وقوع ضربة عسكرية أمريكية على إيران، وهي ما كان يريد وقوعها كلاً من الدول الخليجية وإسرائيل.
ومع أن مذاق الخسارة الذي خلفه الغزو الأمريكي على العراق يتجرعه اليوم وبشكل كبير زعماء الدول الخليجية، إلا أن الأمة العربية بشكل عام تتجرع هي الأخرى من المذاق نفسه ولو بدرجة أقل.
محسن فضل
زعماء الخليج الأكثر خسارة 1215