يحدثنا التاريخ عن حضرموت بأنها موطن الشعر والمُلك والقادة العظام, والعلماء الأفذاذ والتجار الدعاة والفن الأصيل.
كل هذا سجله التاريخ لحضرموت حتى عرف الناس الحضرمي بالجدية والتحضر وعدم انتهاجه للعنف مهما كان, بل لقد كان الحضرمي بتجارته في جنوب شرق آسيا وغيرها هو داعية لدين الإسلام بأخلاقه العالية التي جذبت الناس هناك لأن يدخلوا في دين الإسلام طواعية لما رأوا من أخلاق سامية تجسدت في شخوص أولئك التجار الحضارم .
وقد نبغ من الحضارم قادات كبار إبان الفتوحات الإسلامية كما يعد ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع وصاحب كتاب المقدمة الشهير حضرمياً وغيرهم كثير.
ونحن هنا لا نستقصي تاريخ حضرموت الناصع بقد ما نذكر منه ومضات فقط لنؤكد أن ثقافة الحضرمي لم تكن يوماً ثقافة عنف أو تخريب بل كانت ثقافة جد وعمل وقيم وتسامح أثمرت وأينعت فخدمت أمة الإسلام جميعها.
لكن لننتقل اليوم إلى ما يعتمل في الواقع من أعمال خارجة عن الشرع والقانون في حضرموت ينفذها مسلحون باسم حضرموت حيث يستهدفون نقاطاً عسكرية وجنوداً ومواطنين أبرياء فيغتالون ويصيبون ويقطعون الطرقات ويحرقون الإطارات ويغلقون المحلات ويعطلون مصالح الناس بل ينطلقون من منطلقات الكراهية والحقد والانتقام والمناطقية المقيتة.. كل هذا لا يمت بصلة لثقافة حضرموت.
إنها ثقافة لاشك وافدة تغذيها أطراف حاقدة لها أجندات مختلفة والنتيجة هي تضرر المواطن. لقد رأينا في شوارع المكلا شباباً صغاراً يحملون السلاح ويقطعون الطرق والشوارع وبعضهم ينهب ويسطو على ممتلكات الغير ويعد عمله هذا بطولة أو نضالاً في ظل صمت مطبق للسلطة المحلية.
إن حضرموت هي الأصالة والقيم النبيلة والجدية والتحضر والتدين القوي.. هناك من ينال من الحضارم بالتندر بأنهم بخلاء وهؤلاء الذين يتندرون إنما هو حسداً من عند أنفسهم عندما يرون الحضرمي ناجحاً في عمله وتجارته وحياته كلها.. ستظل حضرموت تمثل قيم العروبة والإسلام وتنتهج السلمية وتمارس التسامح رغم أنف من يريد لها غير ذلك.
رغم أنف من يسعى لإعطاء رسائل سلبية عن أبنائها الكرام من خلال تجنيد مسلحين يعبثون بأمنها ويقلقون حياتها ويغتالون جمالها..
إن مشاريع التخريب والفوضى و الحقد والكراهية كلها مشاريع فاشلة ولن يكتب لها النجاح مطلقاً, وعلى عقلاء القوم أن يقفوا بكل حزم ضد من يشوه تاريخ حضرموت العريق ومن يريد أن يحدث فتناً بين أبنائها ومن يريد أن يعرقل التنمية فيها ومن يمارس ثأره على ترابها ومن له أجندات مضرة بها..
إن مستقبل حضرموت كعاصمة للإقليم الشرقي الغني بالنفط يتحدد في اتحاد أبناء حضرموت ليكونوا صفاً واحداً لبناء حضرموت ولصد كل من ينال منها سواء أكان من داخلها أو من خارجها .
أنا على ثقة أن كل مشاريع الفوضى ستتلاشى مع وجود الدولة واستباب الأمن واستقرار المواطن اقتصادياً. وإقالة كل الفاسدين في مؤسسات الدولة المختلفة عندها سنرى حضرموت بشكل آخر تجسد تاريخ الأجداد الناصع وتنفي عنها ما ألحقته بها شلة الخراب والفوضى .
وإنَّ غداً لناظره لقريبُ.! .
ومضة:
ما كنتُ أعلمُ أنَّ العِشقَ يا وطني يوماً سَيَغدُو معَ الأيام إدمانا عَلَمتنا العِشقَ حَتى صارَ في دَمِنَا يَسري معَ العُمرِ أَزماناً فَأزمانا عَلَمتنا كيفَ نَلقى المَوتَ في جَلدٍ وكَيفَ نُخفي أمامَ النَاس شَكوَانا هذا هُوَ المَوتُ يَسري في مَضَاجِعِنا وأَنتَ تَطرَبُ مِن أنات مَوتَانا هَذا هُو الصَمت يَشكُو مِن مَقابرِنا فَكُلَّما ضَمَنا صَاحَت بَقايَانا بَاعُوكَ بَخساً فَهَل أَدرَكتَ يا وطني فِي مَأتمِ الحُلمِ قَلبي فِيكَ كَم عَانَى ؟!.
فاروق جويدة
غالب السميعي
حضرموت..وثقافة العنف الوافدة!! 1341