تستهويني الكتابة عن تربية النشء وتهذيب أخلاقهم وتطوير أنماطهم السلوكية ووصولاً إلى تلك النموذجية المنشودة أو على الأقل الرقي الاجتماعي الذي نتمنى أن يصل لتركيبتنا الاجتماعية, إلا أن بعض الظواهر والمظاهر السلبية أصبحت تنتشر بشكل كبير دون أن تجد القرار الحاسم الذي يمنع زحفها بمثل هذه الطريقة العشوائية الخطرة.
اللعان ظاهرة من هذه الظواهر التي أصبح البعض ينظر إليها وكأنه ينظر إلى السماء. وللإعلام دور كبير في انتشار هذه الظاهرة لأن مثل هذه اللفظة أصبحت ضمن سيناريوهات المسلسلات المدبلجة وبشكل سافر لدرجة إقناع المشاهدة بأن هذه اللفظة سهلة ومتداولة وليست إلا صورة لفظية لحالة انفعالية مؤقتة لا وزن لها في ميزان الدنيا والآخرة
لست أدري إن كانت هذه الظاهرة قد لفتت الأنظار إليها أم أنني وحدي التي أكثر التدقيق في تفاصيل الحياة من حولي, لكن من المؤسف حقاً أن تصبح التحية لعنة والمزاح لعنة وكل سلوك صادر بقصد أو بدون قصد متبوع بلعنة, بل إن من المؤسف حقاً أن يصبح اللعان أسلوباً للتعجب أو لفت نظر الآخرين, فالبعض يستخدم هذا اللفظ بدمٍ بارد وكأنه يتلو آية من كتاب الله الكريم!
ويبدو أن مسلسل التبعية ـ الذي نجيد محاكاة مشاهده على الواقع ـ لم يعد عبارة عن مواقف وفصول وحكايا نعيد إسقاطها على واقعنا بحذاقة المعتوه الذي يحاول أن يردم البئر بماء السيل, فقد أصبح البعض منا إمعة حتى في محاكاة الألفاظ الدارجة على المستوى الدرامي إعلامياً, فكلمة (شاطر) مثلاً يكررها الأطفال للإطراء على الأطفال بينما لا تعني هذه الكلمة وفق (المعجم العربي) إلا (الخبيث والداهية)!
ومثلها كلمات كثيرة قد تخدش الأدب وتقلل من قيمة الإنسان بشكل أو بآخر, فأين هم الآباء والأمهات والمربون في المدارس من هذه الكلمات التي يتداولها البعض كقطع الحلوى دون أن يكون هناك وعي بمعناها وأضرارها ومدى تأثيرها على علاقة الإنسان بخالقه.
فاللعن مثلاً هو الطرد من رحمة الله, وهذا ربما لا يدركه الكثيرون ممن اعتادت أفواههم على التلفظ به وكإنها كلمة عادية جداً, فمن من الناس يحتمل أن يكون مطروداً من رحمة الله؟!..
لو أن هؤلاء أدركوا المعنى الحقيقي منها ما أصبحت فاكهة أفواههم وحلو مجالسهم, لكنهم لم يفقهوا أنفسهم بعد, فهل سيكون من المجدي أن يفقهوا ما يقول سواهم من الناس وما تنطق به أفواههم من كلمات؟!.. ليتنا أيها الآباء والأمهات والمربون في المدارس, ندرك أهمية تربية النشء على صيانة الضمير الإنساني والحفاظ عليه من العطب, لأن ما ينطق به اللسان لا يأتي من خارج الكيان الإنساني وإنما هو من داخله, وكل إناءٍ بما فيه ينضح كما يقال.
ألطاف الأهدل
شاطر.. شاطر.. 1525