رغم الاستنكاف من استخدام مصطلح "العصا والجزرة" كون مصدره ما كان يتبعه الأوربيون مع الحمير والبغال بربط الجزرة بالعصا أثناء ترويض الحمير والبغال!! إلا أن الحال استرسل فيه أنباءً وسياسة ووصماً حتى في واقعنا.
العدو الصهيوني تطاول إلى أدنى من ذلك في تعاطيه السياسي الإجرائي خلال مسيرة ما يسمى السلام منذ "أوسلو".. أكثر من عشرين عاماً والسؤال الموازي لسؤال النكبة, ماذا قدم الصهاينة منذ أوسلو إلى اليوم؟؟
أولاً- تقسيم أراضي الضفة إلى "3" مناطق بحرف ألف وباء وجيم والمعلوم أن الألف والباء بإدارة متفاوتة للسلطة, بينما المناطق "ج" فهي مناطق تخضع للسيطرة الصهيونية تماما أمنيا وعسكرياً وإداريا وهي تشكل 60 بالمائة من أراضي عام 1967والتي يتم التفاوض عليها بينما أراضي الـ 1967 لا تشكل إلا 22 بالمائة من أراضي فلسطين والأراضي "ج" يتم بناء المغتصبات عليها واليوم صار يمنع على الفلسطيني بناء حتى غرفة في مسكنه فيها.. وبذلك حسم الصهاينة 60 بالمائة من الـ 22 بالمائة المتفاوض عليها لهم.
ثانيا: حتى المناطق ألف وباء تم خرق الاتفاق بأن اجتاحها عسكرياً عام منذ عام 2001 وما تلاه من مجازر في الضفة عامة وجنين خاصة وحصار الرئيس المرحوم عرفات حتى استشهاده.
ثالثا- القدس تحت سيطرته تماما.
ثالثا- منذ أول أوسلو الى اليوم زاد عدد المستوطنين بنسبة اكثر من 300 بالمائة أي من 200 ألف تقريبا الى ما يزيد عن 650الف عدا عن الجدار العنصري الذي يمتد لأكثر من سبعمائة كيلومتر طولا واكثر من نصف المستوطنين في مدينة القدس اي ان الديمغرافيا العربية في القدس باتت على حافة المخطط بان لا تتجاوز ال 20 بالمائة.
ثالثا- الحواجز الصهيونية في الضفة تجاوزت الستمائة حاجز
رابعا – تجاوز عدد الاسرى والمعتقلين حتى عدد الاسرى والمعتقلين قبل اوسلو.
ملخص مفجع ولكن التفاصيل الاخرى تنافسها احباطا فالعدو تخلص من العبء الاقتصادي والتنسيق الامني الذي استطاع العدو من خلاله تفكيك خلايا المقاومة واعتقال قادة العمل الوطني واستطاع ان يتحكم بكل مفاصل الحياة الفلسطينية ويخنق السلطة بالسيطرة على منابع ميزانيتها وضرائبها والحدود والجمارك والماء والطاقة.. الخ.
هذا ملخص من " الجزرة الموعودة" تحولت إلى مجنزرة تبتلع كل ما في طريقها, عدا عن الخسارة التاريخية في تواصل اجتثاث الشعب وتحول القضية في كوميديا دموية بوصم الشعب بانه طارئ على هذه الارض امام القادمين اليهود المساكين ضحايا "ابشع جريمة عرفتها البشرية بالعصر الحديث" حسب وصف الرئيس عباس الحرفي في تعزيته لليهود عن ذكرى الهولوكوست!! ووصم الصمود والمقاومة بانه ارهاب وعنف !! تنصبغ الكوموديا بالأسود, ايضا إذا علمنا ذلك جاء بالتزامن مع المصالحة الفلسطينية واجتماعات المجلس المركزي الفلسطيني وهنا نقرأ هذه الاجتماعات التي جاءت بعد بيان المصالحة وبعد خطوات العصي والمجنزرات الصهيونية التي اتخذت من حكومة العدو بعد اعلانها هنا لابد من القول اننا ومنذ تاريخ المفاوضات المفتوحة على البوابة الابدية للسخرية صرنا صلصالا تصيغه الاكف المتنوعة للعدو وللقوى ونحن لسنا الا المتلقون هذا في جهة الذين تبنوا المفاوضات.. حياتنا تم تجريد انسنتنا خلالها وكأننا انتحاريون وكارهون للحياة و "لا نحب الحياة اذا ما استطعنا اليها سبيلا" باعتبارنا لا يحق لنا ان نقاوم اقتلاعنا من ارضنا لصالح اليهود المساكين الذين يستحقون ارضنا ومقدساتنا وقدسنا وحتى مسجدنا الاقصى لهيكلهم وان اي رفض لذلك هو ارهاب وان لنا ان نتلقى فقط ونتقبل العصي والمجنزرات!!
جاء بيان المجلس المركزي الفلسطيني الذي ترك الباب مفتوحا على المفاوضات التي جمدها العدو اصلا ليؤكد ان عقلية المتلقي لهذه العصي وتقبلها بأنين خجول وبعقلية المساومة وتوسل السلام ما زالت تحكم وما يمكن ان يحسب لبيان المجلس المركزي يقرأ باللونين والوجهين وجه التشبث بالثوابت والصمود ووجه الزج بالقضايا المصيرية والثوابت في اسطر ورقة المساومة كيف؟
فالتأكيد على المصالحة والتشبث بها والتأكيد على شروط المفاوضات بوقف تام للاستيطان وبحدود الدولة يحسب للثوابت ولكن في ظل بقاء الباب مفتوحا على المفاوضات وعدم اتخاذ قرارات بوقف التنسيق الامني يحملها الوجه واللون الاخر بينما التأكيد على ضرورة استكمال الاجراءات القانونية الدولية للدولة والانضمام الى اكثر من ستين منظمة دولية يحمل الوجهين بانه لم يأت بأمر للرئيس بالتوقيع الفوري انما ابقاءه مفتوحا وعلة ماذا الا المساومة ايضا؟!!هل فهمنا دروس التاريخ والأرض المشبعة بالتضحيات؟؟ ان الجزر يحتاج الى قلب الارض مرتين وضعف التصبب عرقا مرة حين الحرث والبذر ومرة عند القطاف ويحتاج لعرق وسقاية وتغذية وصبر على التضحيات.
ناصر أبو الهيجاء
العصا والمجنزرة 1157