أحداث ذات أبعاد مؤلمة, تمر بها بلادنا منذ ثورة فبراير إلى يومنا هذا يرى البعض بأنها ضرورية كجزء من ضرورات التغيير الذي قاده شباب اليمن وقدموا في سبيله أرواحهم, قد تكون هذه المبررات منطقية عند أصحابها, وقد تكون قريبة من الحقيقة, إلا أنني أرى في هذا القول إن أحسنت الظن إنه من قبيل إغواء وتسلية الذات وإذا لم أحسن الظن, فالواقع يقول إن ما حدث ويحدث يوضح أن الثورة الشعبية- التي أشعل فتيلها الشباب- قد وقعت في فخ الغيلة والاحتيال و بدأت ملامحها الحماسية بالبرودة والانحسار والانكفاء على شعاراتها التي تدغدغ العواطف وترخي الأعصاب بعدما كانت تلهبها.

ما يلاحظ اليوم من إعادة إنتاج لأدوات الفساد التي تكرسها التعيينات في المواقع القيادية لأجهزة الدولة والتي تزيد قوى الماضي- التي ثرنا ضدها- تمكيناً أكثر في مواقع حساسة في الأجهزة الحكومية المدنية والعسكرية, ولهذا نراها اليوم تمارس الانتقام من الشعب الذي ثار ضدها بأسلوب وحشي وهمجي.

وما يحدث اليوم من توسع لدوائر الإرهاب وتعدد الرايات التي تحمله والعناوين في الشمال والجنوب والوسط من قتل وتدمير وقطع للطرقات ومحكمة الصحفيين ومنعهم من السفر كما حدث مؤخراً مع مدير مكتب الجزيرة!!

وبالإضافة إلى الأزمات المتلاحقة في الوقود والنفط وتقاعس الكثير من شاغلي الوظائف الرسمية على مختلف المستويات عن أداء واجباتهم, ابتداء من القضاء الذي أظهر بأحكامه الناعمة التي لا تعدو عن السجن في حق من يمارسون القتل والتخريب كتلك الأحكام التي أعلنت بحق المتهمين في السبعين وقتل القيادات العسكرية.

وعودة الاغتيالات إلى شوارع العاصمة والتقاطعات والاعتداءات على الكهرباء والنفط وإظهار أجهزة الدولة بحالة من الجفاء والبعد وكأنها تعيش في كوكب بعيد عن ما يحدث في البلاد أو أنها لا تشعر بما نشعر به.

وكل هذه الأحداث تدل على أن الثورة تحاصر وتوضع بمواقع الاتهام والنقص في حال يزيد قوى الشر تمركزاً في المواقع التي تمكنهم من التخطيط والعمل للعودة الكاملة للماضي بكل أدواته وقواه, بالتزامن مع الأداء الإعلامي للآلة الإعلامية التي تشوه كل القوى التي وقفت مع الثورة وتنسب كل سوء ورثناه خلال العقود الماضية لسنوات ما بعد الثورة على قلتها.

لست متشائما ولم تؤثر بي الآلة الإعلامية لقوى الشر ولكنها الحقيقة التي يحاول الكثيرون إغواء أنفسهم عنها ومخادعة أنفسهم ومن حولهم بمبررات واهية, كما هي محاولة لتنبيه قوى الثورة التي دخلت مرحلة السكر جراء ما سمعت وتسمع من الألفاظ الثورية الخادعة التي تطلق ما بين فترة وأخرى لتطيل بقائها في مرحلة ارتخاء الأعصابس.