الأشياء البالية تتكدس في البلاد الفقيرة أكواما..!
ملابس مستعملة.. دمى مستعملة.. أثاث مستعمل.. أحذية.. أواني.. كهربائيات..!!
بعضها رث, وبعضها متهالك.. ألوانها باهتة.. أعضاؤها بعضه مبتور.. مكسور.. ممزق ..!
هي أشياء.. بهتت لأنها أشياء.. جمادات لا روح فيها!!
لكن ثمة الكثير من البشر يسيرون في الطرقات, نراهم كل يوم, بلا ألوان, بلا بريق, بلا روح.. بشر بوجوه باهتة!!
غبرة تعلوهم, أخاديد خطها الزمن على خدودهم, ليس شيوخهم فحسب؛ بل حتى شبابهم..!
سواعد نحيلة, سيقان هزيلة.. شعور منتفة, متساقطة.. وقد علا مفارقهم الشيب وهم بعد في ريعان الشباب..!
وجوه نراها كل يوم؛ لذا لم يعد الكثيرون يشعرون بوجعها فضلا عن أن يتساءلون لماذا..؟!
في إحدى الدورات التدريبية حضر شابان أخوان, بدا أحدهما نضرا, جسيما, صحيحا, بريق النعمة يتلألأ على جبينه, وفي عينيه.. هو أكبر من الآخر بكثير, لكن الآخر يبدو باليا, باهتا مخطط الأوداج, والجبين.. قلت بتعجب: لماذا يبدو أصغر منك بكثير؟!
الإجابة: لأنه مغترب..!
لأنه لا يعيش في دولة اليمن..!
دولة تحيل البشر لأجساد بالية, لبقايا إنسان, بعدما حبست الوطن في عصور التخلف والظلام..!
مياه تعز (المحافظة المكتظة بالسكان) شحت, والكهرباء مقطوعة معظم ساعات اليوم, والمواصلات ندرت بسبب أزمة الوقود..
العوز يضرب جذوره في الطبقة المتوسطة, وينهشها ليصل بها إلى ما دون خط الفقر.. المواد الغذائية الأساسية أسعارها مرتفعة.. الغالبية العظمى من الأطفال لا يشربون الحليب بعد سن الفطام, و الذي تقلص لستة أشهر لأن حليب الأم نضب بسبب الجوع الصامت الذي ينخر هذه الأجساد البالية!!
دولة الفساد مازالت تحكم هذا الوطن, الثورة لم تحقق مكاسب تعيد للوجوه الجدة, والصحة, وتعيد لليمني الحياة..!
يا شعب اليمن أنت تموت ببطء, والجوع الصامت يسرقك دون أن تشعر!
لابد من حكومة إنقاذ..
لابد من تدابير إسعافية..
يجب أن تذهب دولة الفساد (خفيها وعلنها) إلى الفناء , قبل أن تفنى فينا الحياة, ويغدو الوطن, وكل مواطنيه باهتاً متشعثاً كالأشياء البالية..!
نبيلة الوليدي
وجوه بالية ..!! 1236