النهب والتدمير والحرق والاستئصال عقيدة شوفينية متأصلة لدى جماعة الحوثية المنبثقة عن من سبقهم من الأئمة، وهي عقيدة راسخة في فكرهم وعقيدتهم منذ مجيء مؤسسهم الأول يحيى بن الحسين وحتى اليوم، ويعتبرونها (ديناً وفيئاً) في حروبهم مع مخالفيهم, فقد بثت وسائل الإعلام المختلفة ومن بينها وسائل إعلام الحوثي، صوراً لأطقمهم ومسلحيهم وهم ينهبون كل شيء, أتوا عليه في بيوت المواطنين من همدان، وأبرزها الأثاث والأدوات المنزلية.
كما بثت وسائلهم الإعلامية صوراً مختلفة لتفجيرهم عدداً من المساجد والمدارس ومنازل المواطنين في صعدة وسفيان وهمدان؛ التي كان أبرزها مساجد ومدارس دماج وكتاف وحوث وخمر وهمدان وآخرها ثلا وشبام كوكبان.
وقبل قيام الحوثيين بنسف تلك المدارس والمساجد والمنازل يقومون بنهب وسلب كل محتواها من أموال وأثاث، حتى الأبواب والشبابيك وكل شيء تقع عليه أيديهم، ليفسر هذا الأمر حادثة نهب الجنوب عام 1994م وصنعاء 1948م وقبل ذلك.
ثقافة الاستئصال والهدم والفيد هذه مؤصلة عندهم – حسب ما يقولون – بأصول شرعية شرعها لهم أئمتهم السابقون من لدن جدهم الأول يحيى بن الحسين وحتى الإمام يحيى حميد الدين.
الهادي يحيى بن الحسين:
عمل الهادي يحيى بن الحسين على سلب ونهب اليمنيين وأراضيهم وأموالهم في الحرب والسلم، وأباح أموالهم للمرتزقة المناصرين له والخارجين عن دولهم وحكامهم.. واتخذ من البطش والتنكيل بالخصوم عقيدة وممارسة لمثل هذه الأعمال، وزاد عليها قطع الزروع والثمار وحرقها وتخريب مصادر المياه, فقد روى المؤرخون أن الإمام الهادي يحيى بن الحسين تعامل بشدة وقسوة مع الانتفاضات التي قامت ضده, فإذا به يضيف إلى ما عرف عنه من (هدم للبيوت وقطع للزروع من نخيل وأعناب وغيرها) تخريب الآبار ومصادرة المياه بل وتدمير القرى بأكملها قرية قرية، كما ذكر ذلك مؤلف سيرته وأحد أكبر مساعديه، وأسس بذلك لسياسة الهدم والدمار والتنكيل التي أخذت من بعده سنة لدى الشيعة.
كان الهادي يقوم بالنفقة على أقاربه في بلاد الرس بالقرب من المدينة المنورة مما ينهبه من بلاد اليمن، ويلزمه هذا السلب والنهب لرعايتهم ورعاية أتباعه المرتزقة من الذين جيشهم في صفه لتأسيس دولة الأئمة في اليمن انطلاقاً من صعدة.
ويذكر المؤرخ محمد بن علي الأكوع الحوالي، في هامش كتاب "قرة العيون" صـ151، أن "الهادي كان كثيراً ما يلجأ إلى الخراب والدمار وقطع الأشجار والزروع، وتحريق الفواكه والثمار، بل إلى أبعد من ذلك، وهو التمثيل بالأسرى وصلبهم وتنكيس رؤوسهم، وكان يسن بهم سنة الكفرة المشركين".
ويعزز هذا الأمر الإمام عبدالله بن حمزة الذي يستشهد بأفعال الإمام الهادي، في كتابه (الدر المنثور في فتاوى المنصور)- صـ443/ج1) بالقول: "والهادي إلى الحق - عليه السلام - قد فعل ذلك [النهب والسلب والخراب] في نجران وعلاف، فإنه هدم المنازل، وقطع النخيل والأعناب،( وأباح الأملاك للعشائر وأخذ أموال المهاذر وقسمها أخماساً، وأخذ من حصن النميص أثاثاً عظيماً، وسلاحاً، ومتاعاً، وكذلك ولده الناصر، هدم مدينة بارى وهي مدينة كبيرة، ومدينة الكلائج وقطابه، وأخذ أموال قُدمْ جملة، ولم يميز مال اليتامى والأرامل، وكذلك فعل عبد الله بن الحسين - عليه السلام - مع بني الحارث، أخذ أموالهم وقسمها بين الغانمين، وخرب إبراهيم بن موسى بن جعفر - عليهم السلام - سد الخانق بصعدة وكان عليه بساتين عظيمة فخربت إلى وقتنا هذا".
الناصر بن الهادي:
اتبع الناصر خطى أبيه الهادي في السلب والنهب لاستمرار النفقة على الأتباع؛ دون التفريق بين الحلال منها والحرام، مشرعين لهم فتاوى واجتهادات خاطئة لسلب الناس أموالهم، وهي لم تقتصر على الدول التي حاربوها بل تعدتها إلى القبائل المعارضين لحكمه في كل أرض وقبيلة يطأها من صعدة وعمران.
وهو الأمر الذي يكرره الحوثيون اليوم في زماننا، كثقافة ممتدة إلى أئمتهم الأوائل ومن سبقهم من المتأخرين.
وقد أكد هذا الأمر أيضاً عبدالله بن حمزة في قوله السابق، وهو يستشهد بأفعالهم وما سنوه من سنة سيئة في نهب اليمن واليمنيين.
الإمام الناصر أبو الفتح الحسين بن ناصر (الديلمي)
لم يكن هذا من الأئمة الزيديين المعروفين بانتسابهم إلى يحيى بن الحسين الرسي الذي جاء إلى اليمن عام 285هـ فانتسب الأئمة إليه، فقد جاء هذا الإمام إلى اليمن من بلاد الديلم من فارس عام 437هـ، وأول عمل عمله "جمع له جيشاً ودخل به صعدة ونهبها وخرب دور مخالفيه، وقتل من خولان مقتلة عظيمة، ثم سار إلى صنعاء فملكها وقبض الأعشار والواجبات"اللطائف صـ66 .
المنصور عبدالله بن حمزة:
وكذلك لم يكن الإمام عبدالله بن حمزة يمنياً ولا من نسل الهادي يحيى بن الحسين بل جاء من الحجاز ودعا لنفسه في الجوف فقام يغزو البلاد اليمنية الأخرى خاصة المجاورة كصعدة وعمران واتبع المنصور عبدالله بن حمزة من سبقه من الأئمة في تدمير ونهب وتكفير كل من خالفه، واستباحة دمه وماله وأرضه وعرضه.وقد كان أجرأ وأشرس إمام في التنكيل والبطش والسلب والنهب والاستباحة بالفتوى، مغلفاً عمله هذا بتشريع من لدنه على أنه من الدين.. ففي فتاواه المختلفة المرصودة في كتابه "الدر المنثور في فتاوى الإمام المنصور عبدالله بن حمزة – صـ443/ج1"، أفتى باستحلال دماء المخالفين وأعراضهم وأموالهم بالقول: "فنقول: الذي لم تجدوه أكثر مما وجدتم، والهادي إلى الحق -عليه السلام- قد فعل ذلك في نجران وعلاف، فإنه هدم المنازل، وقطع النخيل والأعناب، (وأباح الأملاك للعشائر)، وأخذ أموال المهاذر وقسمها أخماساً، وأخذ من حصن النميص أثاثاً عظيماً، وسلاحاً، ومتاعاً، وكذلك ولده الناصر، هدم مدينة بارى وهي مدينة كبيرة، ومدينة الكلائج وقطابه، وأخذ أموال قُدمْ جملة، ولم يميز مال اليتامى والأرامل، وكذلك فعل عبد الله بن الحسين - عليه السلام - مع بني الحرث، أخذ أموالهم وقسمها بين الغانمين، وخرب إبراهيم بن موسى بن جعفر - عليهم السلام - سد الخانق بصعدة وكان عليه بساتين عظيمة فخربت إلى وقتنا هذا وهو داعي محمد بن إبراهيم بن إسماعيل - عليه السلام -، وما بقى من الأحكام فهي للتفرقة بين الكفار وبينهم".
وتابع تلك الفتوى بالقول: "ولا نجيز سلب ما يواري النساء من الثياب، وأقول إن ذلك عقوبة للمستحقين ومحنة على الآخرين يعيضهم عليها رب العالمين، إلا من علم من النساء أنها راضية بما يفعل الظالمون فإنها من الغابرين [يعني يجوز قتلها؛ لأن الغابرين: الهالكين]، وقد فعل الله سبحانه مثل ذلك في الأمم الماضية وهو أقدر القادرين على تمييز المستضعفين والأطفال من الجبارين، ولأن ذلك معلوم لنا في سلفنا الصالحين، فإنهم فتحوا الأمصار الكبار، والمدن العظام، فلم يعلم أنهم ميزوا بين الأملاك، ولا استخبروا عن الملاك، بل جعلوا الحكم للأعم الأكثر كما ذكرنا عنهم؛ لأن من سكن في بلاد البغاة كان حكمه في جواز الأخذ والقتل حكمهم؛ لأن الحكم للأعم الأغلب، كما نقول في المسلمين إذا سكنوا دار الحرب وكانت لهم أملاكٌ هناك، وأهل زماننا ليسوا من البغاة في شيء؛ لأن الباغي هو من يحارب الإمام على أنه محق والإمام مبطل فيكون متأولاً في حربه، كما كان في الخارجين على علي - عليه السلام" (صـ444/ج
وقد تحلل ابن حمزة كل أموال من خالفه على اعتبار أنها غنيمة من باب التنكيل بالخصم، كما يفعل الحوثيون اليوم، وذلك في تعريفه الغنيمة وأصدر فيها فتوى، وزاد أن خص بها الأئمة تحديداً، بقوله: "الغنيمة ما يؤخذ من متغلب على وجه التنكيل، وحكم الغنيمة موكولٌ إلى رأي الإمام إن رأى القسمة بين الغانمين صواباً فعله، وإن رأى المفاضلة جاز له ذلك، وهذا رأينا في الفيء جملة إن أمره إلى الإمام"(صـ457/ج1.
مع أن الغنيمة معروفة في الإسلام تقتصر على السلاح والمتاع في أرض المعركة إن تركها صاحبها وهرب، وليس في أعمال السلب والنهب التي تصاحب المعارك ويعمل المتغلب فيها على سلب ونهب المغلوب.
وقد وضح القرآن الكريم تحديد ووقت الغنيمة وماهيتها ومتى يجوز أخذها بقوله تعالى )يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (الأنفال1، وهذا ما يكون مع الكفار كجيوش محاربة، وليس مع نهب أموالهم وهم مسالمين في مساكنهم فكيف بمن هم مسلمون مسالمون ومن أبناء البلد الواحد.
وبهذا يكونوا قد خالفوا حتى إمامهم الأول الذي يتشيعون له، وهو علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه ورضي عنه - يوم الجمل ويوم النهروان فزادوا على ذلك هدم الديار وسلب الأموال وإخراب الزروع وقطع الأشجار وقد جاء في مخالفته له بقوله "فإن قيل إن علياً - عليه السلام - لم يعرض لما وراء عسكر أهل الجمل وأهل النهروان.
قلنا :أولئك بغاة، وذلك اجتهاده - عليه السلام - فيهم، وأهل عصرنا هذا فساق متهتكون ظالمون، هذه أسماؤهم هي حادثة لحدوث معانيها، كما حدث اسم الفساق في زمن واصل بن عطاء ولها أحكامٌ مخصوصة.
منها(جواز أخذ الأموال، وهدم الديار، وخراب الزرائع، وقطع الأشجار" (الدر المنثور – صـ442/ج(1).
الإمام المطهر بن شرف الدين:
بعد تحالف الإمام شرف الدين مع المماليك الجراكسة وقيل (الشركس) في إسقاط الدولة الطاهرية، خلت الساحة للمطهر ودولة أبيه، وعمل المطهر على التنكيل والنهب لكل خصومه سواء في المناطق الوسطى والجنوبية أم حتى في إطار المناطق الخاضعة لنفوذهم.. ومن بين أنواع التنكيل سلب ونهب الأموال وإحراق وخرب الزروع والثمار.. هذا فضلاً عن القتل الذي لم يعرفه حاكم جبار حتى في غير المسلمين.
كما قام بنهب كل الأموال والأراضي التي أوقفت على المدارس الإسلامية في الدولة الطاهرية واصطفاها لنفسه.
الإمام المؤيد محمد بن القاسم:
دأب الأئمة في عقاب مخالفيهم باستعمال كل أنواع العقاب من قتل وتشريد وتدمير لمساكنهم وقراهم وتخريب مزارعهم استحلالاً, كونهم مخالفين لهم في المعتقد والتوجه ومن بين هؤلاء الأئمة الإمام المؤيد محمد بن القاسم فقد روى المؤرخ الكبسي في كتابه اللطائف السنية "أن جيوش المؤيد ارتكب بحقهم مجزرة كبيرة، ولم يكن لهم سلاح إلا السهام" والأوضاف" قطعة أو قماش صغيرة في اليد تجعل وسطها حجر صغير يرمى به الخصم، مثل المقلاع الذي يستخدمه أطفال الحجارة في فلسطين ضد الصهاينة وجيشه مدجج بالبنادق والمدافع، واستولت جيوش الإمام على أموالهم وقراهم وكل ما يملكون وغنموا كل ما فيها من الحبوب والآلات والأنعام والحديد، فشردوهم في البلاد، وغني الفليس من أموالهم، وذللوا عاصيها، وملكوا صياصيها".
الإمام المنصور الحسين بن القاسم بن المؤيد:
عمل هذا الإمام على جمع قبائل بكيل وحاشد في شهارة وأمرهم بالتقدم إلى صنعاء سنة 1128هـ، كما ذكر ذلك صاحب اللطائف السنية (396) فلما خرجوا من شهارة قاموا بالتوجه غرباً في بلاد عفار وكحلان وحجة، ومنهم إلى السودة وكوكبان وحبور فنهبوا كل ما أتت عليه أيديهم في بلادهم وسوقهم وعاثوا في حجة فساداً عظيماً استولوا فيها على أموال الرعية وأخذوا من البلاد أموالاً جزيلة. وتوجه ابن حبيش السفياني إلى تهامة فنهب وقتل. وقام ابن جزيلان كبير ذو محمد) وعلي الأحمر- كبير حاشد- بالتوجه إلى حراز فأخذوا أموالاً جزيلة، ثم وصلوا الحيمة واستولوا عليها".
الإمام الهادي محمد بن المتوكل:
كان من عادة الأئمة أن يبيحوا البلاد اليمنية الوسطى والجنوبية لمناصريهم من القبائل، وفي عهد الإمام المنصور علي بن المهدي عبا,س ساءت أحوال اليمن واتجهت قبائل من بكيل وغيرها من حاشد إلى إب وتعز ونهبتها واستوطنتها وأخذت أموال الرعية وتسودوا عليهم، حتى ضاق الناس بهم ذرعا ولما برز اسم الفقيه سعيد بن صالح بن ياسين الهتاري العنسي الدنوي صاحب الدنوة في إب معارضاً لحكم وطغيان الأئمة، بسبب أنهم كانوا يبيحون ويهدرون إب وتعز وعدن واليمن الأسفل عموماً وريمة أرضاً وإنساناً للقبائل المناصرة للإمامة وقطع الطريق، من قبائل بكيل والجوف وحاشد من ذو محمد وذو حسين وغيرهم، قام الفقيه سعيد بن صالح العنسي للتصدي لتلك الهمجية، فاجتمع الناس حوله من اليمن الأسفل ككل والمناطق الوسطى حتى قال المؤرخون إن اليمن الأسفل كله من عدن وحتى سمارة شمالاً وحتى زبيد غرباً دان للفقيه سعيد واجتمعوا تحت رايته وكونوا الجيوش المحاربة للتصدي للإمامة، وكانت أول ثورة وانتفاضة سنية ضد الإمامية منذ إسقاطهم الدولة الطاهرية.
إلا أن الإمام الهادي محمد بن المتوكل استطاع التغلب عليه وعلى ثورته بسبب خيانة من تلك القبائل البكيلية التي راسلت الإمام سراً ونخروا جيش الفقيه من الداخل وقبضوا على الفقيه سعيد وأسلموه للإمام الذي ضرب عنقه على الفور.
ثم قام عسكر الهادي بنهب قريته الدنوة وأغاروا على كل ما فيها سلباً ونهباً، رغم أن الثورة ما قامت عليه إلا لذات السبب. قال الكبسي في تاريخه اللطائف السنية ص412): ") غنم عسكر الهادي جميع ما في هذه البلدة، وهو شيء خطير ومغنم كثير يجل عن الوصف ويفوت".
حتى أن حكم المتوكل إسماعيل شهد غارات القبائل على أنحاء من تهامة واليمن الأسفل بقصد السلب والنهب، فعاثت فساداً في الديار الآمنة لم يقم بردعهم، بل على العكس من ذلك فقد كانوا يغضون الطرف عنهم لاسترضائهم وضرب بعض القبائل الأخرى بهم.
الإمام يحيى وابنه أحمد:
عمل الأئمة على سياسة) فرق تسد) وتسليط هذه القبيلة على تلك، ويعلون من شأن منطقة، ويغمطون أخرى، وإذا حدث وأن نَبَضَ عرقٌ يمني ضد هذا الظلم سرعان ما يبادر الإمام في معاقبته بتسليط إخوته عليه كما حدث في العام 1948 حيث أباح الإمام المناطق التي أسماها "المفسدات" وهي ) العدين وحبيش( لقبائل من "آنس" و"الحدا":
"ألا يأهل الحدا يا أهل آنس عشاكم في البلاد المفسدات"
حدثَ على إثر ذلك أسوأ عملية نهب وإتلاف وتدمير، وبعد أن أنهت القبائل مهمتها تبرأ منها الإمام وأمر بإلحاق المنهوبات إلى بيت المال:
"يا حدا يا خيرة الله عليكم حق بيت المال كلاً يرده"
لقد استخدم الأئمة فتاوى تكفير المجتمع الذي لا يدين بمذهبهم كوسيلة للسيطرة على اليمن ونهب الشعب واستحلال أموال غالبية الشعب اليمني تحت مبرر أن هؤلاء "كفار تأويل" كما كان يطلق عليهم ويجوزون نهب أموالهم وهدم بيوتهم واستحلال دمائهم، ولقد سجل الكثير من الثوار هذه المشاهد المؤسفة شعراً ونثرا.. وكتب الأستاذ/ محمد احمد نعمان "الابن" عن هذا بالتفصيل في كتابه"الأطراف المعنية" الذي يفصل هذا المسلك الاستعلائي واستباحة أمواله بذريعة التكفير لكل من لا يؤمن بفكرة السلالة المقدسة.
يقول الأستاذ النعمان الابن: "كان القبيلي المجند الذي قدم من شمال صنعاء إلى سهول تهامة وإب وتعز والبيضاء لا يسمى جندياً بل مجاهداً في سبيل الله وعلى هذا الأساس أبيح له أن يسكن في مساكن الأهالي بالقوة حتى لو أدى الأمر - وكثيراً ما كان يؤدي - إلى خروج رب المسكن ليسكنه المجاهد في سبيل الله ويفرض على الزوجة أن تتولى خدمته وإطعامه ما يختار من طعام، وكم أكواخ وبيوت هدمت وأحرقت لأن فلاحاً أو فلاحة اعتذرت بالفقر عن تلبية الرغبات المسعورة للجنود".. والكلام مازال للأستاذ النعمان الذي يؤكد بقوله: "لقد وجه الإمام يحيى قبائل الشمال التي حاربت تحت قيادته الأتراك نحو الجنوب )تعز وإب وتهامة) بدعوى المحافظة على الراية المحمدية في بلاد "كفار التأويل" و"إخوان النصارى".
كما عمل جيش الإمام يحيى عام 1928 المتوجه إلى تهامة في أن عاث فيها فسادًا ونهب أكثر من 100 قرية كان أهلها مسالمين, لكن وبمجرد وصول قوات الإمام بقيادة علي بن الوزير نائب الإمام حينها والطامح إلى وراثة العرش إلى ضواحي مديرية الدريهمي جنوب مدينة الحديدة - حاليًّا - انقض عليه مقاتلو قبيلة الزرانيق وأذاقوه هزيمة منكرة دفعته للعودة إلى صنعاء ليجهز الإمام جيشا آخر بقيادة قائد من صعدة ومن قبائل بني قيس يسمى علي بن يحيى القيسي.
ثم كان ولي العهد أحمد بن يحيى حميد الدين على رأس جيش قوامه عشرة آلاف مقاتل عام 1929م ودخل السيف أحمد بيت الفقيه في 26 سبتمبر 1929وعاث وجيشه بالمدينة قتلاً ونهباً وقام بهدم قبة ولي الله الصالح) أحمد بن موسى عجيل (الفقيه الذي تنسب إليه مدينة بيت الفقيه حاليا)، ودُكت المنازل والقلاع وأطلق السيف أحمد الأساطير على أنه لا يُهزم وصاحب الكرامات وأن الجن تحميه حتى أُطلق عليه أحمد ياجناه، كما يفعل الحوثيون اليوم من تغذية الشائعات بانتصاراتهم في كل حرب يخوضونها.
وكذلك ما فعله الإمام أحمد حميد الدين بإباحة صنعاء للقبائل المناصرة له عام 1948 ونهبها وتجريدها من كل شيء.
وفي همدان كانت مناظر دهم الحوثيين للبيوت وأخذ بطانيات وحاجيات المواطنين من البيوت التي غزوها وفجروها وأخذ كل ما فيها، كما فعلوا في صعدة وحجة وحوث.
وحينما تولى الإمام أحمد ولاية العهد وولاية تعز دخل مدرسة الأشرفية وكسر محتوياتها وخزائنها ونهب كل وثائق المدرسة ومخطوطاتها، كما روت للكاتب مصادر حية من سكان حارة الأشرفية، وتعرضت المدرسة في عهده لمحاولة هدم بطريقة خبيثة، وأهان مكانة المدرسة العلمية وحولها مدبغة للجلود، وحتى تأتي أملاح المدبغة على أساساتها وتجعلها تنهار تلقائياً.
*إعلامي وباحث تاريخي
المراجع:
• الإكليل للحسن الهمداني.
• قرة العيون لابن الديبع.
• تعليقات هوامش للمؤرخ محمد الأكوع.
• المدارس الإسلامية لاسماعيل الأكوع.
• اللطائف السنية في أخبار الممالك اليمنية – محمد الكبسي.
• خيوط الظلام – عبدالفتاح البتول.
• الزهر والحجر – عادل الأحمدي.
• مواقع إخبارية صحفية.
توفيق السامعي
الحوثيون يحيون عقيدة السلب والنهب في الفكر الإمامي عبر التاريخ اليمني 2052