تسربت أخبار أن بعض الواصلين, الذين يستطيعون مقابلة الرئيس متى شاءوا, يحاولون إقناع الرئيس بتشكيل الحكومة وتعيين المحافظين من حملة شهادة الدكتورة، ويقنعوه بضرورة الضغط على حكومة المحاصصة أن ترفع الدعم عن المشتقات النفطية وبالتالي ستثور الجماهير وبدوره يقوم الرئيس بإقالة هذه الكومة تلبية لثورة الشعب دون إعادة أسعار المشتقات إلى سعرها الأول، وبهذا يكون الرئيس ضرب عصفورين بحجر, رفع الدعم وأقال الحكومة، وبعدها تشكل الحكومة من هؤلاء الدكاترة الذين سيختارهم مهندسو هذه الفكرة.
لست مدافعا عن هذه الحكومة وإخفاقاتها البائنة للعيان، ولكن استوقفتني هذه الفكرة الجهنمية التي لم أفهم ما المغزى من ورائها، فأنا أمقت المحاصصة بل أعتبرها انتقاصا للمواطنة المتساوية, وأؤمن بمعيار الكفاءة والنزاهة وتكافؤ الفرص، وألا يشغل الوظائف العليا إلا من يتوفر فيه شرطان أساسيان إضافة إلى الشروط المحسنة الأخرى وهذان الشرطان هما الأساس ليس من الآن ولكن من قديم الزمان وهما: القوة والأمانة التي ذكرت في القرآن على لسان ابنة نبي الله شعيب عليه السلام "إن خير من استأجرت القوي الأمين"..
كلمتان قصيرتان وفي محتواهما كل الشروط الضرورية التي يجب أن تتوفر في المسئول فلا تنفع قوة بدون أمانة ولا تنفع أمانة بدون قوة، والقوة هنا قوة الشخصية والإرادة وتوفر ميزة الشخصية القيادة الجسمية والمعنوية والتأهيل العلمي، والأمانة تجعل هذه الشخصية القوية تقوم بواجبها دون استغلال للمنصب أو تفريط به، فهي الرقيب الداخلي الذي يمنعه من الانحراف أو الانجرار وراء الأهواء، ولا شك أن من يتوفر فيهم هذان الشرطان قليل في المجتمع إن لم يكونوا نادرين وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم القائل" الناس كإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة" ولذلك يتطلب من المسئول الأول في الدولة البحث عنهم بعناية فائقة وتجرد من الأهواء وبوسائله التي لا تخونه وبمعايير واضحة، حتى يصل إليهم، فالحنكة القيادية والإدارية موهبة في الشخصية وصقل من خلال الدراسة والممارسة العملية والتجارب التي تفرز هذه القيادات، ولس كل من يحصل على شهادة الدكتورة أصبح قائداً مع احترامي وتقديري للأكفاء من حملة الدكتوراه الذين تتوفر فيهم صفة القيادة، فبلادنا قد جربت الأميين وجربت حملة شهادة الدكتورة دون اعتبار للشركين الذين ذكرناهما آنفاً وأوصلونا إلى ما وصلنا اليه، ورسولنا صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر رضي الله عنه عندما طلب منه أن يعينه: "يا أبا ذر انك رجل ضعيف وأنها أمانة" والضعف هنا ليس ضعف الإيمان أو قلة علم فأبو ذر من فقهاء الصحابة الكبار ومن أصدقهم قولا فقد قال عنه صلى الله عليه وسلم" ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء اصدق لهجة من أبي ذر" ولكن الرسول نظر أن أبا ذر تتوفر فيه الأمانة ولكنه لا تتوفر فيه القوة القيادية.
فأقول للأخ الرئيس لا يغرنك من يجيدون فن الكلام ولا يجيدون فن القيادة والعمل ليوسوسوا لك بأمور لا تجدي ولن تجلب لوطننا إلا الكوارث التي تلاحق هذا الشعب منذ أمد بعبد، نريد أكفاء يتولون الأمر بغض النظر عن انتماءاتهم ومناطقهم، ولا نريدهم أميين وليس شرطا أن يكونوا ممن يحملوا كراتين معلقة في مجالسهم، أما اذا توفرت الشهادة العليا المتمثلة بالدكتوراه والميزات القيادية فذلك نور على نور، لا أن تفصل هذه الاستشارات على أشخاص قد جهزوهم مسبقا ويعملون على تسويقهم لكم حتى تنفق بضاعتهم هذه.
إن الوطن بحاجة إلى قرارات شجاعة وسريعة تعيد للناس الأمل وتجتث الفساد الذي اصبح هو الأساس في كل مرفق في حياتنا، وتشعر الجميع بالمواطنة المتساوية التي ضحى من أجلها الشهداء والجميع يتغنى بها وهي حتى الآن غائبة وننتظرها كما ينتظر المعتقدون بالمهدي المنتظر عودته، ولن يستقر أمن أو يصلح اقتصاد ويقضى على الإرهاب إلا بإرادة قوية وتوجه سليم وبناء مواطنة متساوية، ولنتذكر الشهيد المغدور به إبراهيم الحمدي الذي أعاد للشعب الأمل بعد يأس ورفع معنوية المواطن وقاد نهضة في فترة زمنية تكاد لا تمثل شيئاً في تاريخ الدول، ولا زال الشعب يذكره بكل حب ويترضى عنه ولا زال عائشا في أوساط الجميع بروحه الطاهرة التي ترفرف بيننا رغم فراق جسمه لنا من عقود "والذكر للإنسان عمر ثانٍ".
لازال الأمل معقوداً على الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي أن يغادر هدوءه ويقود هذا التحول المنشود بإرادة صلبة وحس وطني يتحدى كل الصعاب، خاصة انه الرئيس الوحيد ممن حكموا اليمن الذي حظي بشرعية وتأييد محلي وإقليمي ودولي، ونحن في سباق مع الزمن ونقول له كما قال الشاعر:
إذا كنت ذا رأيٍ فكن ذا عزيمة.. فإن فساد الرأي أن تتردد.
حفظ الله بلادنا من كل سوء ووفق رئيسنا إلى ما فيه خير البلاد وجنبه بطانة السوء.
*عضو مجلس النواب/ عضو مؤتمر الحوار الوطني الشامل
محمد مقبل الحميري
هل ستكون هذه الحكومة كبش فداء برفع المشتقات النفطية؟! 1417