كثر الكلام عن الرئيس هادي الذي مازال مسكوناً بهاجس نائب الرئيس، لكننا بالمقابل لم نسمع شيئاً عن أولئك الذين لم يستوعبوا منطق التاريخ وأحداثه ومجرياته، فالواقع يؤكد أن ذاك النائب الصامت الصابر على نيابة شكلية فاقدة المشروعية ومنزوعة الصلاحية- إلا من رئاسة موسمية للجنة الاحتفالات أو افتتاح مدرسة- بات اليوم رئيساً للبلاد.
ليت المسألة هنا اقتصرت فقط على الرئيس السابق وبعض من رموز عهده الذين وبعد قرابة عامين ونيف على انتخاب الرئيس هادي مازالوا في غيهم ومكابرتهم غير آبهين بمنطق أو عقل أو متغير حاصل؛ إنما المسألة تعدت الرئيس السلف واتباعه إلى اطراف وجهات أخرى في العملية السياسية.
فهذه الأطراف رغم أنها تعد ذاتها ثورية وحاملة لراية الثورة إلا أن ممارستها لا تشي بغير الابتزاز السياسي الشخصي الفئوي والمساومة الوقحة العابثة باعتبارها هنا صاحبة الفضل والمنِّة على الرئيس هادي الذي مازال في نظرها ذاك النائب السابق الذي ينبغي أن لا ينكر فضلها عليه بإخراجه من دائرة الظل والتهميش والإقامة شبه الإجبارية في داره في الستين ولمدة نيفت عشرين سنة إلى دائرة الأضواء والاهتمام والأهمية التي بات عليها عقب انتقاله إلى قصر الرئاسة.
وإذا كان هذا هو حال النظام السابق وحلفائه السابقين المناهضين له في مرحلة تالية ؛ فإن القيادات الجنوبية السابقة في الخارج لا يبدو من فعلها أنها حالة مغايرة لهؤلاء المناوئين للرئيس الانتقالي؛ إذ مازال أغلب قادة مكونات الحراك في الداخل مثل قادة الدولة الجنوبية في الخارج غير مستوعبين رئاسة شخص طالما اعتبروه مأموراً وطائعاً ومن القيادات الثانوية التي يجب أن يكون ولاؤها فقط لهم.
نعم.. فبقدر ما رأينا في الشمال قواه القديمة ممثلة بضلعي الرئيس السابق واتباعه وأنصاره المخلصين المستفيدين كثيراً من حقبة حكمه، فضلاً عن الضلع الأخر المنسلخ عن النظام العائلي العسكري القبلي المنضوي لموكب ثورة التغيير, كانت القيادات الجنوبية في الداخل والخارج قد أكملت الضلع الثالث لهذا المثلث العجيب الغريب.
صحيح أن في هذه القيادات الجنوبية أسماء معروفة يصعب تصنيفهما كقوة مناهضة معرقلة لعملية الانتقال السياسي برئاسة هادي، فمع ما أبدته من مرونة وكياسة حيال المرحلة ومحدداتها ومخرجاتها وحتى رئيسها تبقى العبرة في فعلهما السياسي الذي مازال غامضاً ورمادياً – وأيضاً – انتهازياً أعده أقرب للقوى المُشكَّلة لأضلاع المثلث المناوئ لرئاسة هادي وللمرحلة الانتقالية المفضية لدولة اتحادية متعددة الأقاليم .
بالطبع سيقول البعض: أين القاعدة وجماعاتها الإرهابية المتوحشة ؟ وأين الحوثية وإمامها وميليشياته المسلحة المستولية على محافظة صعدة وعلى وشك السيطرة على محافظة عمران المتاخمة لعاصمة البلاد؟ وأين شيوخ القبيلة والمذهب وأين تجار السلاح وأساطين العبث والتخريب والتهريب؟ وأين حراك تمنطق الكفاح المسلح؟ وأين هبَّة حضرموت وعصيان عدن ولحج وأبين والضالع؟.
أقول: ربما سأل أحدكم عن مكانة كل هذه المسميات وعن تصنيفها من ثلاثة أضلاع المثلث. الإجابة: جميعها أطراف تندرج في اطار ثلاثة الأضلاع وإنْ بنسبة متفاوتة وضئيلة وظالمة أحياناً – ولكم وضع كلمة ظالمة بين قوسين- لضلع حامل المسألة الجنوبية عامة وللواء تحرير واستقلال الجنوب خاصة.
محمد علي محسن
هادي وثالوث ما قبل الرئاسة!! 1623