نعم.. الحياة أصبحت رحلة سريعة لكن طريقها أضحى معبَّداً بالأشواك, ربما وجد البعض في هذا شيئاً من المبالغة, لكنني لا أرى ذلك بعد أن أصبحنا نعيش على بركان سياسي نشط يكاد يفتك بمن تبقى من أفراد الشعب النجباء الذين يجتهدون في البحث عن حلول تنقذ الوطن من السقوط في هاوية الاقتتال من جديد, نسير على أشواك تجرح مشاعرنا وتنكأ ما اندمل من جراح إنسانيتنا أكثر من مما تجرح أقدامنا وتدمي أجسادنا, ربما لأننا نعيش حالة هستيرية شائعة لا نشعر بها بعد أن عصفت بنا دوامة الفتنة التي أقحم كل منا نفسه في البحث عن عدو لا يعرف ملامحه!
نسير على أشواك هي أوجاع الناس ومعاناتهم؛ طوابير المشتقات النفطية, شحة الماء, انقطاع الكهرباء, ارتفاع أسعار المواد الغذائية, تدني على مستوى التكافل الاجتماعي, انتشار الرذيلة, ارتفاع معدلات العنف الأسري والاجتماعي.. كل هذه وسواها أشواك تنبت على أرض واقعنا الاجتماعي لبعضها أسباب اجتماعية وفكرية وثقافية.. لكن هناك عاملاً مشتركاً بين كل تلك الأسباب التي تنامت حتى أصبحت سلاسلاً تكبل حرية الحق وضمير العدالة, هذا العامل المشترك هو نحن, نعم نحن, بتخاذلنا عن أداء واجباتنا تجاه الله ثم الدين, بتهاوننا في حقوق وحدود فرضها الله لتنظيم حياتنا وتحقيق الأمان فيها, بتجاهلنا لمعاصٍ وتجاوزات وأخطاء نراها ونسمعها وربما نمارسها كل يوم لكننا نغض الطرف عنها تساهلاً وقلة خوف من الله.. ولعلي أذكر دائماً قول من قال:
وليس الذئب يأكل لحم ذئبٍ
ويأكل بعضنا بعضاً عيانا
فأين هي اليوم إنسانيتنا مما نرى ونسمع وكأننا دواب لا تعي ما تفعل أو تقول؟! أرى في حالة الاستنفار والتسلح التي يفتعلها البعض أشواكاً تهدد حياة الناس وأمن الوطن, أرى في ألوان العنف التي يسكبها الوضع الراهن في أوعية قلوبنا أشواكاً تنفتق عنها براعم اليأس والذل والقنوط والضياع.. أرى في عزوف أصحاب القرار عن قراءة الواقع قراءة جادة شيئاً من التواطؤ والتخاذل والاستفساد الذي يبذر الشوك عياناً في طريق تحقيق وحدة الصف والمصير.. واقعنا أصبح ملغماً بالأشواك من كل حجم وصنف ولون, وكلها تجعل مشاهد التعايش اليومية مجرد فرص للنجاة من موت محتم..
دروبنا طويلة وشاقة لأنها ليست محفوفة باليقين والتسامي عن الموبقات وسفاسف الأمور, نحن نثخن الأرض كبراً وعنجهية تحت أقدامنا حين لا نأبه لقضية عظيمة نتبناها, إنها إنسانيتنا التي أضعناها ونحن نلهث كوحوش الغاب خلف ما لا يمكن إدراكه..
لذا نقول: الرجاء ربط الأحذية, فقد تطول رحلتننا الراجلة نحو الكرامة حتى لا ندرك بزوغ فجر إنسانيتنا من جديد..
ألطاف الأهدل
الرجاء ربط الأحذية!! 1145