بعد مكالمة هاتفية سمعتها وأنا على ظهر أحد باصات النقل الجماعي, تأكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا الشعب بحاجة لـ"كتالوج" ديمقراطي يستطيع توضيح كل تلك المعاني الخاصة بالحق والواجب والفكر والحرية والعدالة والمساواة.. لقد كانت المكالمة عبارة عن اتفاق قذر على سرقة ينظمها عدة أشخاص من الشباب أحدهم شهرته" قفل" وهو متخصص في سرقة السيارات تحديداً، ويبدو أن للأخ " قفل" مساعدين متخصصين في تمشيط المساحات الجغرافية الصالحة للسطو تحت مظلة عنف واسعة تشمل الجميع.
في نهاية المكالمة يصر الأستاذ " قفل" أن " الشهرة تعب".. هكذا يقول لزميله على الطرف الآخر وتتبع الكلمة ضحكات مشوهه مشحونة بالخسة والجرأة على حقوق الآخرين وانعدام الضمير الإنساني.
إن أثمن ما يملك المرء سمعته الحسنة بين الناس، لأن ذلك الصيت الحسن يصبح هالة تحيط بالمرء أينما ذهب، وأظن ذلك القبول الذي يميز بعض الناس، وذلك الألق الذي لا تخلو منه جباههم ما هو إلا وميض يبعثه حسن الخلق والصيت اللامع الذي لا يجلو غبار التناقض والتداخل في سلوكيات الظاهر وإنما يتعدى ذلك إلى تغيير الباطن وتطهيره أيضاً.
حسن الخلق كان باباً يعبر من خلاله الناس إلى هذا الدين القويم بفضل من الله على نبيه الصادق الأمين. ولعل الصدق والأمانة التي اشتهر بها هذا النبي الأمي قبل بعثته النبوية بكثير, هي ما جعلت كفار قريش ترفض فكرته العقائدية, لكنها تؤمن بإنسانيته التي كان قوامها حسن الأخلاق والسمعة التي ذاعت إلى أبعد مدى فقط لأنها حقيقة، والحقيقة لا تخفيها أكوام الباطل حتى لو كان من يقف خلفها صاحب سلطة أو مال أو قرار.
فعلاً "الشهرة تعب" حين يكون صاحبها مشهوراً باللصوصية والظلم والبطش وأكل أموال الناس بالباطل، هي فعلا تعب لأن صاحبها يبقى خارج إطار الثقة الأسرية والاجتماعية، كما أنه يبقى بلا ملامح شخصية بسبب أنه يرتدي أقنعة مزيفة كثيرة وكل منها يترك آثاره القبيحة على وجهه أمداً طويلاً من الزمن, اللهم إلا إذا أغلق هذا الكتاب بتوبة نصوح لا يعود بعدها لهذا الذنب أبداً.
تلك الأقنعة التي يراها يومياً أمام المرآة تعزز صفات الدونية والبطش والتنكيل لديه وتجسده كبطل خرافي في عالم مليء بالأقزام الذين فقدوا قاماتهم السامقة بسبب سكوتهم عن الحق وتواطؤهم مع من يحاربه.
"الشهرة تعب" فعلاً حين يكون صاحبها على استعداد تام لبيع كل ذرة ضمير لديه بأبخس ثمن.
ألطاف الأهدل
الشهرة تعب..!! 1374