"الرجل المريض" هو اسم كانت تطلقه أوروبا على الدولة العثمانية في أواخر عهدها وإشارةُ إلى الأزمات التي كانت تكتنف الدولة وتهز كيانها أي قبل قرن من الآن حينما كانت الأمة الإسلامية مجتمعة تحت راية الدولة العثمانية وحينما كان ملوك البلقان وغيرهم لا يتسلمون مناصبهم إلى أن يأذن لهم خليفة المسلمين أي لا يكون احدهم ملكاً في بلده إلا بتنصيب الخليفة العثماني له لأن البلقان كله كان قطعة من الدولة الإسلامية ولذلك يقول احد المبشرين النصارى إن أوروبا كانت تفزع من الرجل المريض وهو مريض لأن وراءهُ ثلاثمائة مليون من البشر مستعدون للجهاد بإشارة واحدة من أصبعه يقصد بذلك الدولة العثمانية, فكيف بحالنا اليوم وبمقدورنا أن نكون يداً واحدة في مواجة العدوان الناقم على منهجنا وبلادنا وثرواتنا وكي لا تكون في يوم ما خارجها اطار التواجد ومحاولة الإلغاء الممنهج بقوة السلاح كما حصل في ايران والعراق ولبنان . .
لذلك إن ما تمر به اليمن خصوصا يتطلب من جميع القوى والحركات الإسلامية المعتدلة والمتشددة أن تتحد في اطار عملي موحد مبني ببناية متماسكة لا يهتز ولا يعتريه أي عامل للإخلال به ومحاولة إقصائه والنيل منه, فلذلك تستطيع جميع القوى أن تترجل وتخرج بذلك العنوان العريض عنوان الوحدة التأكيدية المطلقة والتنازل للقريب وأخ الدين والمنهج والمعتقد بدلاً من التنازل للغرباء وبحكم القوة والسلاح وكذلك نسيان الصغائر والترفع عنها ومحاولة إيجاد كيان موحد يضم السلفيين والإخوان وكذلك المعتدلين من الأحزاب والتنظيمات الأخرى ومن عرف عنهم الإخلاص والوفاء ثم يقوم بتشكيل مجلس سياسي له ممثلون في البرلمان ومرافق الحكومة وله قراره في الحماية وصون الأعراض من لصوص أتقنوا مهنة السرقة عبر إعلام ودعم وقرار دولي..
كانت مسألة الوحدة بين القوى الإسلامية شبه مستحيلة, بينما هي اليوم أقرب ما تكون إليه لاسيما بعد التحرشات من قبل مليشيا الحوثي في مناطق كثيرة وبسط نفوذه وتوزيع القتل والألم للشعب الذي يجب أن لا نتركه رهن الأقدار التي يفرضها الحوثي وغيره من المأجورين الذين يلغون في دماء الناس فلذلك تكمن هنا معاني التنازل وترك الخلاف الفرعي والتركيز على الخلاف الأصولي لحماية شوكة السنة التي يكون قدر نصرتها بوحدتنا وتركنا للأمر التافه والنظر للمصلحة العامة للمجتمع وتلمس حاجياته والسيطرة عليه بدلا من التسيب وتركه ضحية للإعلام الحوثي الممنهج بايدلوجيا منحرفة, فيكون إعلامنا بعد وحدتنا هادفاً وموحداً وأكثر فاعلية في بناء الجيل المسلم المحافظ والملتزم بأحكام الدين وتشريعاته الأساسية..
لقد رضعنا الذل والمهانة من توافه لا قيمة لهم بسبب وضعيتنا وتخلينا عن وحدتنا ووقوفنا صفا واحدا وبمقدورنا أن ندافع عن أنفسنا وعن مقدساتنا وأن تعلو رايتنا و يكون خيارنا: إما أن نعيش بسلام حقيقي أو نموت جميعا وليس أن نكون هدفاً لنيران آثمة ظالمة لا ترحم ومحاولة طمس الهوية الإسلامية السنية عبر موروث باطل يتم تزيينه وإلصاقه بآل البيت بغية التماشي معه وقبوله ولذلك فإن الأمة الإسلامية رسالتها السلام ولكن يجب أن يكون سلاماً محمياً بقوة و أن يضع احد قدمه فيها لمشاريعه الضيقة, فإنها ستقاتله وتكون له شوكه يصعب ابتلاعها وإن أهل السنة سليل جهاد لن ينساه التاريخ تدفعها الحميه للذود عن حياض الدين والأمة ولذلك نجدد الدعوة لعقلاء اليمن- علماء ومثقفين وساسة- أن يدركوا حساسية المرحلة وان يتحركوا وفق ما تمليه عليهم ضمائرهم وان يكونوا أقوياء في اتخاذ قرار الوحدة والتكاتف والصبر والتنازل لأن كل ذلك من اجل الأمة ودينها وأرضها ولأن الخصم جبان . والسلام..
عمر أحمد عبدالله
هل نتحد لمواجهة الإلغاء؟ 1148