إننا بحاجة الى التخفيف من الثقافة الأبوية المتسلسلة من الأسرة الى المؤسسات والأحزاب والدولة، وهي مشكلة متوارثة ومزمنة وتمثل أرضية خصبة تُسقى باستمرار بماء التبعية والتقليد والتخلف؛ لإنتاج الاستبداد الاجتماعي الذي هو أرضية للاستبداد السياسي، والديني، وغيره، إنه من مشكلات العقل العربي المتوارث؛ فإذا أضفنا إليه الثقافة الفارسية التي محورها تطويع الناس للطاعة المطلقة للحاكم بحكم أنه ممثل الله في الأرض كما قال الدكتور/محمد عابد الجابرى في كتابه العقل الأخلاقي العربي: إننا نجد أن الغالب أو البعض يعيش بعقلية الطفل الضال الباحث عن الأب، والطفل الضال كما نعلم يحتاج إلى أب يقوده دائماً، وعندنا الآباء بحكم ثقافة التقليد والتبعية كُثر, وقد تعوّد الغالبية منا بحكم هذه العادات على أن يكون له آباء لكل قضية, الأب الحقيقي ،أب النسب، والأب عالم الدين الذي يرجع اليه في كل شيء ليفتيه, هذا حلال وهذا حرام، والأب من يكبرك في السن, ففهمه وكلامه مقدم على من هو أصغر منه ،والأب شيخ القبيلة, وأفراد القبيلة أطفال, فهو مرجعهم في كل قضاياهم، وقيسوا أيها القراء الآباء بعدد القضايا، ولذا علينا أن نتخيل كم من آراء متضاربة ينتخبها الفرد العربي ،ويخرج من هذه الدائرة كالطفل التائه, لا يعرف حتى الطريق إلى بيته.. وقد ينتهي به الأمر الى أب في جماعة من الجماعات التي ينتمي اليها هذا الفرد، حيث يقوم أبوه الجديد في الجماعة فيحشو عقله بفكر خاطئ ويملؤه بالآراء التي يقنعه بها، وباسم الدين بأنه سيدخل الجنة إذا فجّر نفسه فوق أعداء الدين ،والذي يحدد أعداء الدين هو أبوه في الجماعة أما هو فمازال طفلاً, دوره أن ينفذ، وهنا نتساءل: متى يكون للفرد منا عقل يتعلم ويقرأ بدون تقديس، وينتخب ويختار بفكره وبرأيه بنفسه، ويصبح بالغاً عاقلاً راشداً ويخرج من سقف الوصايات المختلفة ؟, والله الموفق.
محمد سيف عبدالله
الطفولة العقلية!! 1114