"السموأل" في الجاهلية عندما أراد الافتخار بقومه على سائر القبائل العربية لم يجد شيئاً أرفع وأعلى وأشرف من الافتخار بإكرام من يجاور قبيلته وحمايته من أي عدوان بل وعيشه بجوار قبيلته بعز ومنعة, فكان مما قاله رداً على من يعيره بقلة عدد قومه:
تعيرنا إنّا قليلُ عديدنا
فقلت لها إن الكرام قليلُ
وما ضرنا أنّا قليلُ عديدنا
وجارنا عزيز وجار الأكثرين ذليلُ
هل رأيتم فخراً أكبر من هذا الفخر؟!، وهل سمعتم عن مروءة وشهامة وافتخار عند العرب عبر التاريخ اكثر من هذا؟!.. فهذه صفة في قمة السمو تخلّق بها العرب منذ الجاهلية، ثم أتى الإسلام وأقر هذه الصفات الحميدة المتوارثة بل وكمّلها ونمّاها، فقال عليه الصلاة والسلام "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره" وكثير من الآيات والأحاديث تصب في هذا المصب الراقي والنبيل.
فهل يا ترى تغيرت أخلاق وقيم عَلِيَّةُ القوم عند العرب في هذا الزمان ولم يعد لهذه الفضائل قيمة لديهم، أم أنها سحابة صيف بفعل البطانات السيئة سرعان ما تنقشع؟.
مضى على الأستاذ الدكتور عبدالملك الحسامي أكثر من أربعة أشهر وهو يقبع في احد سجون إمارة أبو ظبي في الإمارات العربية المتحدة، وكذلك الأستاذ الدكتور عبد المؤمن التميمي السامعي هو أيضاً في السجن هناك، دون أن توجه لهم تهمة، أو يراعى سنهم ومكانتهم العلمية، ولم يراعَ أيضاً حق الجوار الذي افتخر به السموأل في الجاهلية قبل الإسلام، ولا حق الضيف والجوار الذي جعل الرسول- صلى الله عليه وسلم- إكرامهم من الإيمان بالله واليوم الآخر.
يا أهلنا في الإمارات و يا شيوخ آل نهيان الكرام: لا يشرفكم أن يُهان ويُذل ضيوفكم ومن اختاروا جواركم، ونحن هنا لا نشفع لأستاذينا الكرام؛ الحسامي والتميمي كونهما لم يرتكبا جرماً أصلاً، ولكن نطمع منكم بالعدل والإنصاف، واذا عليهما أي تهمة وجهوها لهما عياناً في وضح النهار وفي قاعات القضاء، ونحن نثق بنزاهة القضاء لديكم، لا أن يخفوا قسراً، كما تعمل العصابات، فهذا لا يليق بدولة تحترم نفسها فضلاً عن كرام مثلكم.
نناشدكم يا آل نهيان الأفاضل و يا من ورثتم المروءة بعد زايد الخير؛ أن تعطوا هذه المناشدة جزءاً بسيطاً من دقائقكم الثمينة، لتنصفوا ضيوفا اختاروا جواركم وتعلموا بمروءتكم وبأخلاق الأمراء والشيوخ لا بسماع قول الوشاة والمغرضين ممن يريدون تصفية حساباتهم مع الآخرين عبركم.. أملنا فيكم كبير مهما عتم الظلام وتلبدت الغيوم فأصالتكم نحن نراهن عليها وهي أملنا في إنصاف أهلنا لديكم.
أما أنتم يا حكومة الوفاق و يا قيادات الدبلوماسية اليمنية: ألم تسمعوا قول سيدنا عمر- رضي الله عنه- عندما قال "والله لو عثرت بغلة في العراق لسُئل عمر عنها لما لم تمهد لها الطريق", فما لنا نرى شعباً بكامله يتعثر وكأن الأمر لا يعنيكم، وما هذان الأستاذان الكريمان إلا نموذجاً للمتعثرين من رعاياكم، وربما أصابع الاتهام تشير لبعض دبلوماسيكم في التسبب بتعثرهما، ولا نسمع لكم حساً ولا ركزاً..
اتقوا الله يا ولاة أمورنا في هذا البلد واعملوا بما ينجيكم في الدنيا وعند لقاء الله يوم الحساب، وإلا فاعتزالكم أمرَ الناسِ وترك أمور الدولة لغيركم, سيكون أشرف لكم من البقاء بهذه السلبية واللا مبالاة.
اللهم ولِّ علينا خيارنا ولا تولِّ علينا شرارنا وفرج هم أهلنا المهمومين، فأنت القادر على كل شيء يا مجيب المضطرين..
*عضو مجلس النواب
محمد مقبل الحميري
نناشد الكرام في الإمارات العدل والإنصاف لا العفو والرحمة 1544