لم يعد الشعب اليمني قادرا على تحمل الأزمات تلو الأزمات فاختفاء المحروقات تارة وظهورها جزئيا تارة أخرى أثر على حياة الناس وأعمالهم في جميع القطاعات العامة والخاصة والمختلطة إلى درجة توقف بعض المنشآت الخاصة والعامة عن العمل بسبب انعدام الديزل وأيضا توقف الكثير من سيارات الركاب وناقلات الشحن بسبب اختفاء المحروقات اثر ذلك سلبا على الحياة الطبيعية إلى درجة تغيب بعض المسئولين عن أعمالهم في مكاتبهم والطلاب عن جامعاتهم بسبب أن السيارات متوقفة في طوابير المحطات ولا يوجد وسيلة مواصلات أخرى وهذا يُعد فسادا للحياة ومجلب للهموم والأحزان ومشقة وتعب وقلق وضجر افسد للناس حياتهم فالمواطن اليمني يشعر أن مشكلته مع خصمين الأول (الحكومة) والثاني (مالكوا المحطات النفطية ) فالحكومة وفقا للدستور والقوانين النافذة مسئولة مسئولية كاملة عن توفير الخدمات العامة للمواطنين ومن ذلك المشتقات النفطية وإلا ما فائدة وجودها ووجود وزارة نفط وموظفين ولعلى المناكفات السياسية والحزبية هي السبب وهي ضارة بالشعب وقاتلة للحياة ولم يعد شعبنا قادرا على التحمل أكثر مما هو عليه فقد نفذ صبره وتوقفت مصالحه وساءت عيشته وأصبح ينطبق عليه قول الشاعر:
وقالوا كيف حالك قلت خيرا
نقضي حاجةً وتفوت حاج.
إذا ازدحمت هموم الصدر قلنا,
عسى يوماً يكون لها انفراج
نديمي هرتي وأنيس نفسي,
دفاتر لي ومعشوقي السراجُ
فقد أصبح الناس يتساءلون عن أسباب انعدام المحروقات واختلفوا في آرائهم فمنهم من يرجع ذلك إلى الحكومة نفسها بسبب عجز ميزانيتها وحاجتها إلى رفع الدعم عن المشتقات النفطية ولو كان هذا الرأي صائبا فان الحكومة تكون خاطئة ومقصرة في حق مواطنيها ومتحملة المسئولية لأن الشعب لم يعد قادرا على تحمل الجرع لأن التوقيت ليس مناسبا.
والسؤال الذي يطرح نفسه لو كان أصحاب هذا الرأي مصيبين في رأيهم لرفع الدعم فجأة وارتفع سعر المشتقات في نفس الوقت دون اختفاء المحروقات حال كون الدعم ما زال مستمرا والسعر ثابتا على ما كان عليه أما أصحاب الرأي (الثاني) فيرجعون ذلك إلى مناكفات سياسية يقوم بها بعض المسئولين في الدولة من أعضاء حزب الرئيس السابق كون الوزارة من حصته وان إخفاء النفط متعمد من قبل الدولة العميقة بقصد تشويه صورة الثورة الشعبية الشبابية واللقاء المشترك وتحريض الشارع عليهما مضيفين بأنه لا غرابة في ذلك فالاعتداءات على أبراج الكهرباء واستمرار دعم حركة الحوثي المسلحة وإفشال اختبارات الثانوية العامة ومحاولة الانقلاب وغير ذلك أمور دأب عليها النظام القديم في اليمن الذي ما زال يحكم وهذا النهج هو ما سلكته الدولة العميقة في مصر في عهد الرئيس الشرعي الدكتور (محمد مرسي) بقصد إفشال ثورة 25/يناير/ والعودة بالحكم إلى النظام القديم من جديد ووصل الانقلابيون العسكر إلى هدفهم برئاسة السيسي لكن أصحاب هذا الرأي يقولون من يفكر هذا التفكير في اليمن خاطئ لان اليمن ليست مصر ولا تشابه بين مصر واليمن في ذلك بل ويستحيل أن يحصل في اليمن ما حصل من قبل الانقلابين في مصر لعدة أسباب لا يسعنا ذكرها هنا أما الخصم (الثاني) للمواطن اليمني فهم بعض أصحاب المحطات الذين يُعتبرون جزءا من هذه الأزمة حال كونهم يقومون بإخفاء المشتقات النفطية وتخزينها وعدم صرفها للسيارات والناقلات في المحطات, حيث لم يبع فيها إلا القليل والباقي يحتكرونه ويبيعونه ليلا لوايتات وناقلات تحمل البراميل إلى محافظات أخرى رغم أن معها حصصا خاصة بها من شركة النفط كما أنهم يبيعون المحروقات في السوق السوداء بأسعار خيالية وأحيانا تباع المواد بالقرب من المحطات دون خوف أو وجل أو حساب فمن أين تأتي هذه المواد إلى هؤلاء البائعين إن لم تكن من المحطات والدولة على علم بذلك ومسئولة عن محاسبة مالكيها والمحتكرين في الطرقات ولو أن الحكومة فرضت هيبتها وطبقت القانون ضد كل متلاعب لاستقر الوضع وتخففت الأزمة إن لم تزول نهائيا والغريب أن أصحاب المحطات المحتكرين لم يتعظوا ولم يعتبروا مما حدث لهم أو لغيرهم من مصائب ومشاكل وويلات عندما احتكروا المحروقات عامي 2011م 2012م ودخلوا في مشاكل أدت إلى إغلاق عدد كبير من المحطات وفي هذا المقال نوجه نداءً إلى الحكومة وزراء ونواب ووكلاء وموظفون ونقول لهم الوطن اليمني أغلى من كل شيء والشعب في ذمتكم ومسئوليتكم فاثبتوا لليمن وطنيتكم وولاءكم وانتمائكم إليه واجعلوا التاريخ يكتب عنكم المكارم وخدمة المجتمع وتنميته وأنكم حملتم الأمانة وأديتموها فها هو شهر رمضان على الأبواب والدعاء مستجاب فيه فلا تعكروا الامزجة وتفسدوا العبادة وتنغصوا العيشة فدعوا شعبكم يصوم ويتعبد وكل ما يحتاجه موجود من كهرباء ونفط وامن واستقرار واطمئنان فالصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر وشهر كريم مبارك على الجميع .
أحمد محمد نعمان
فَشْلُ الحَكُومَاتِ يَبْدَأُ مِنْ هُنَا 1224