يوجد شبه إجماع على أن الصيام في شهر رمضان أقل مشقة من الصيام في غيره من أشهر, وأيام السنة. وحتى إن صادف مجيئه فصل الصيف الطويلة ساعات نهاره, والشديدة درجة حرارته, في رمضان ينسى الصائم لذعة الجوع, ولهيب العطش, وينسى حتى أنه صائم!.
تعلو همة الكل لصيام أيام رمضان رغم المشقة, وحتى الشره يصبر نفسه, ويعللها بوجبة الإفطار القادمة حتما كل لحظة غروب.. يصطبغ الناس بكل توجهاتهم- حتى الغير محب لرمضان- بصبغة ربانية متفردة, وتلفهم طاقة خفية, تغلف النفوس في شهر رمضان؛ فيغدو الصيام غاية محببة, ذلك كله منبعه روح الجماعة.. ماذا لو كانت فريضة الصيام فردية, يصوم كل مسلم شهرا من السنة يحدده لنفسه؟! هل سيكون للصيام هذه الخفة والنشاط في نفس المسلم؟.
قطعاً لا.. بل ربما توانى الكثيرون عن أداء هذه الفريضة, وتراكم وزرها على رقابهم عاما بعد عام ! طاقة الجماعة سر من أسرار شهر رمضان يلفتنا إليه الشارع الحكيم كل عام ! يعود رمضان ليخبرنا بلسان حاله ومقاله أن الخير, والقوة في طاقة الجماعة ! ديننا بفرائض عدة يركز على فضيلة الجماعة, ليس لمجرد لم الشمل , وتأليف القلوب فحسب , بل لتفجير طاقة خلاقة لن تتوفر إلا بالإجماع , والسير معا في مشهد منتظم , وخطة متناسقة نحو الغاية !
ماذا يريد شعبنا في هذه المرحلة من تاريخه لإنسانه, وأرضه؟ هل يريد هذا التضاؤل في حجم السيادة , والتدني في مستوى الخدمات , وضعف القبضة الأمنية , والحروب, والصراعات هنا وهنا , والتي تزهق أرواح أجنادهم , وتهدر الكثير من مقدرات الدولة, والغلاء الفاحش الذي أنهك كاهلهم؟! التمزق الظاهر في مسالك القوى الوطنية ليس من مصلحة أحد, ولن يذهب بمهندسيه سوى لطريق الهلاك ! أما الشعب فسيبقى , لأنه الأصل , والرافد الذي لا ينضب !
وعلى مهندسي محن هذا الشعب, وهذا الوطن سرعة مراجعة مواقفهم ؛ فثمة طاقة إجماع جلية تتنامى في أوساط الشعب تجاه قرار تنحيتهم , وعزلهم عن المعترك السياسي , وقيادة الرأي العام, والتحكم في مصير البلاد ؛ بعدما تكشف للجميع سوء إدارتهم للبلاد قبل , وخلال , وبعد ثورة الشباب السلمية ! لا تستهينوا بقوة الإجماع ؛ فهي طوفان جبار ؛ يحيل أكوام القش سهام فولاذ لا تخيب !!
نبيلة الوليدي
لا تستهينوا بأكوام القش!! 1034