دخلت عليهم المجلس, دون سابق إنذار, ألقت بالتحية.. جلست دون أن يؤذن لها بالجلوس.. انقبضت صدور الجالسات منها..!

امرأة شابة في مقتبل العمر, تبحث عن منزل للإيجار أوسع من سكنها الحالي.. تريد منزلاً واسعاً يكفي لاستقبال زبائنها!!

أي زبائن, ما عملك؟؟

محبة, وقفاءة, ووجهة و و..!

وطفقت تروج لبضاعتها المشؤومة بكل صراحة, وجرأة!!

وامرأة ساذجة, من سكان الحي بصحبتها, تهز رأسها تأكيدا على صدق كلامها, وبراعة مهاراتها المجربة!

السحر والشعوذة, هل أصبحت من المهن المقبولة لدى الناس؟!

أصبح أمراً مألوفاً أن تشير الأصابع للقرية الفلانية, أو للمدينة العلانية.. فيها ساحر ماهر" يطلع الجن من قاع"!!

وتتردد أخبار :

فلان ترك عمله, غضب عليه مديره بسبب سحر صنعه له زملاؤه, وثان أفلست تجارته, وأوصد أبواب محلاته بسبب سحر صنعه له منافسوه, وآخر فقد عقله وهام تائها في البلاد لسنوات بفعل السحر, وثمة من كرهها زوجها وطلقها بأثر عمل أسود من حسادها و.. والقائمة طويلة..!

يوجد خداع كبير من بعض من يدعي القدرة على السحر, وكذا يوجد مبالغة من الناس في اعتقادهم بقدرات السحرة الخارقة, واعتقادهم باتساع نطاق تأثير السحر, وتعدد هذه النطاقات وتجاوزها لما ذكره الله تعالى في محكم تنزيله "يتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه, وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله "!

لكن المفجع حقا هو تناقل الناس لأخبار السحر, والسحرة كما يتناقلون أخبار أسعار أقواتهم المتأرجحة على أنشوطة الغلاء, وفي هذا مكمن لخطر مسكوت عنه!

تكاد ممارسة السحر أن تغدو مهنة معترف بها, ومعروفا لا ينكره أحد, ولا تعاقب السلطة فاعليه!

مع أنه من السبع الموبقات التي حذرنا منها نبينا "صلى الله عليه وسلم " وقرنه بالإشراك بالله, وقرر بأن الذاهب لعراف "مشعوذ أو ساحر" مؤمنا بقدرته على ضره ونفعه بأنه خارج من الدين.. ومن ذهب فقط ليتفرج فلا تقبل له صلاة أربعين ليلة!

العقيدة الصحيحة تضرب كل يوم في أساسها, على مسمع ومرأى من السلطات المناط بها حراسة, وصيانة الدين, وبشهود منقوص من العلماء, والخطباء, والدعاة المناط بهم الذب عن هذا الدين, والبلاغ للناس بوصفهم ورثة للأنبياء, كل هذا يحدث, ولا نلمس سوى غفلة تغشى الجميع, وغياب في دوامات الحياة, بعيدا عن طلب مرضاة الله, وأخشى أن نبقى هكذا حتى نجد هذه البلاد وقد أضحت مرتعا للسحر والسحرة, والبدع الضالة المضلة المفسدة للدين والدنيا, والمهلكة للحرث والنسل!