هل انخفض مستوى دافع الإنجاز لدى شبابنا العربي في هذا القرن من الزمن؟!
وشبابنا الصاعد في اليمن.. ماذا عنه؟!
نرى منه إقبالا منقطع النظير على متابعة مباريات كأس العالم..!
مظاهر تثير الدهشة وعلامات تعجب كبيرة!!
حماس شديد.. تعصب.. إحباط, وشعور كاسح بالهزيمة والفشل عند خروج فريقه المفضل من المنافسات منهزماً!!
وصور لاهتمامات أخرى هامشية.. انكباب لأعداد غفيرة من شبابنا على ألعاب "البلايستيشن".
وأنواع شتى من الألعاب الإلكترونية..!
نراهم ذاهلين عن الوجود.. مثبتة أعينهم على الشاشات المضيئة.. في البيوت.. المقاهي.. المنتزهات.. المركبات العامة.. غياب تام, وانقطاع عن الواقع, وغرق كامل في متاهات العالم الافتراضي!!
لماذا كل هذا؟!
هل هي خدعة نفسية لتفريغ دافع الإنجاز المفترض وجوده بقوة في نفس الشاب؟!
دافع الإنجاز موجود وهذه مظاهرة جلية أمامنا غير أن الفارق الخطير هو أنه يصب في قنوات الفراغ واللا شيء..!
إحراز لاعبه المفضل.. فريقه المفضل لهدف يغذي دافع الإنجاز لديه..!
فوزه على عدو وهمي في لعبة إلكترونية.. حصوله على نقاط أكثر في ألعاب العالم الافتراضي.. تدميره لحصون الأشرار.. انتصاراته في هذا العالم المدهش.. كل ذلك يغذي لديه دافع الإنجاز..!
ينقطع التيار الكهربائي.. ينتهي شحن محموله.. يتململ قليلاً.. بعدها يمتلئ بالرغبة في الاسترخاء, والاستمتاع بكسل طويل؛ فهو يرى بأنه قد أبلى بلاء حسنا, ومن حقه الخلود للراحة!!
وإذا توجه له الكبار باللوم, أو النقد, تأملهم بأعين مرهقة, وأجفان صفيقة, وفكر شارد, ثم انصرف مزهوا, وهو يحدث نفسه:
أنا بطل عالمي الافتراضي, هناك أنا المنقذ.. المتسابق الفائز, الرجل الأول الخارق.. كفوا عني أيتها الديناصورات المتحنطة !!
مع بريق, وأضواء, وجاذبية العالم الافتراضي يمضي شبابنا جل أوقاتهم, يهدرون طاقاتهم الفكرية, والجسدية, ويضيعون أجدى فترة من أعمارهم دون ثمرة حقيقية..!
تتعاظم إنجازاتهم في ذلك العالم السهل التناول, والذي يمتلكونه بين أيديهم, وبأثمان زهيدة أو باهظة.. لا فرق.. المهم لديهم هو أن يغدوا ملوكا في ذلك العالم, ورجالا خارقين, منجزين!
وبالمقابل تضمحل مساحات الإنجاز على أرض الواقع, في العالم الحقيقي!
وخلال فترات الاستراحة, والعودة من عالمهم الافتراضي يصابون بوحشة من واقعهم المحبط, والمجرد لهم من لذة الإنجاز, والانتصارات المتلاحقة, فيهرولون سريعا نحو عالمهم الأثير الكاذب؛ فهناك يجدون أنفسهم, ويحققون ذواتهم الهلامية في بقاع الوهم والسراب .!
ترى متى سيمتلك شبابنا الشجاعة لهجر هذه الشاشات, والتحرر من برزخها والعودة للحياة للاستمتاع بلذة الإنجاز الحقيقي والملموس؟!
نبيلة الوليدي
برزخ العالم الافتراضي!! 1279