على خلفية ما حدث ويحدث في محافظة عمران فإن تحصين محافظات الجمهورية بالتوعية الإعلامية المزيفة أمر غاية في الخطورة, إذ ينبغي أن يتوفر للمجتمع ذلك القدر الكبير من الشفافية والمصداقية التي تخوله للدفاع عن معتقداته بطريقة حضارية ملائمة, إلى جانب تعزيز ثقته بالجانب الأمني والدور الذي تضطلع به أجهزته المختلفة, إذ لا يجب أن يتم التشويش حول حقائق وطنية واضحة بمثل هذه الطريقة التي تفتعلها بعض الصحف والتي تؤدي بطبيعة الحال إلى إخراج الأفراد فعلياً من مساحة الوعي والحكمة إلى دائرة العنف والعدوانية واتخاذ المواقف السلبية في الوقت الذي لا يحتمل فيه المشهد الاجتماعي كل هذا.
إن الحوثية كجماعة متطرفة ذات جناح عسكري ضليع بالتعامل مع مواقف سياسية كثيرة اكتسبت خبرة الكر الوفر من أكثر من سبعة حروب سابقة مع النظام والشعب أيضاً, وأصبحت تمثل الكفة الراجحة لحسابات سياسية كثيرة لأعداء الوطن, فهي الملعقة التي تغرف عبرها أطراف خارجية ما أرادت من إناء اليمن بما فيه ومن فيه, ولأنها تتعامل مع الوطن وكأنها طرف مستقل عنه فهي ترى أن أي مبادرة للسلم والعدل مبادرة فاشلة, بالإضافة إلى أنها أصبحت كتلة عسكرية صرفة بعد العتاد الذي حصدته خلال حروب طويلة مع النظام, إن الجهل بالماهية الفكرية لهذه الجماعة هو من يخلق حالة الخوف والقلق لدى أبناء المجتمع, وعلاوة على ذلك فإن فشل الدولة في تسييس علاقاتها مع مواطنيها الذين ينتمون لأصول عرقية أو جهات حزبية أو مدنية تناوئ سياستها وتستقل بفكرها عنها, كل هذا أدى بدوره إلى سعي هذه الجماعات أو الفئات.. إلى الإعلان عن نفسها وفرض وجودها عبر تنشيط أجنحتها العسكرية, أو نشر ثقافتها المغايرة لثقافة المجتمع, أو البقاء كعميل مزدوج بين الوطن أو جماعة تنشأ تحت مظلة الحقوق والحريات الخاصة بالدين والمعتقد.
كما ينبغي الاقتداء بالسيرة النبوية المطهرة في مجال الحريات العقائدية مع الآخذ بعين الاعتبار حجم التعدد والاختلاف في وجهات النظر والرؤى الفكرية الموارية للأنظمة السياسية الحاكمة.
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل دين وفكر وسياسة وإنسانية غير متحزب لأغلبية ولا منتمٍ لأقلية.
بينما نجد أن الأنظمة الحاكمة اليوم تمثل أحزاباً بعينها, تعمل لبقائها, وتكافح لنصرتها وإن لم يكن الحق في كفتها, من هنا نشأ الخلل مع عدم التغاضي عن أصحاب الأعراف أو الفئة الصامتة التي لا تنتمي إلا لنفسها أو مصالحها أو ربما عقيدتها. ينبغي الحذر من تغييب دور الرأي العام حول ما يحدث مع جماعة الحوثية والبحث عن مخرج سريع لتفادي الوقوع في حرب أهلية, طائفية, عقائدية, القاتل والمقتول فيها لا مصير لهما إلا النار.
ألطاف الأهدل
الحوثية والإعلام المساند 1375