قد يجد الجبان ستة وثلاثين حلاً لمشكلته ولكن لا يعجبه سوى واحد منها وهو الفرار, ما يعني الثبات والتضحية والصمود بالنسبة لمن يحملون وسام الشجاعة والإقدام, بينما لا يدرك ذلك الجبان بأن الموت هو الموت, سيأتي قهراً إن كنت شجاعاً أو جباناً, فكيفما كتبت لَك فستموتها بغض النظر عن شجاعتك أو جبنك, فإنَّ الموتة هي الموت التي ستموتها, فعش حياتك شجاعاً على أن تعيشها جباناً إن كان قد كتب لك بأن تموت على فراشك فلن يستطيع أحد أن يقتلك في المعركة فإن كنت شجاعاً فستموت على فراشك, و إن كنت جباناً فستموت على الفراش أيضاً ويكون التمييز بالإقبال في ساحات المعارك مهما بلغت الذروة وهنا تكمن تلك المعاني بتفاصيلها البطولية والمآثر الرجولية في كل ما تعرض له عميد الشهداء في معركته الدفاعية عن الوطن والجمهورية في محافظة عمران, فكان بكل ما تحمله الكلمات من معاني رجل المهمة ورجل الموقف وحجم موسع للمسؤولية التي صمدت ولم تخن الشرف الذي قطعته رغم محيطها الغريق بالخيانات ثم يكون الشرف حينما يتقمص العدو تلك الفرصة ليجهز على خصمه بعد أسره فتكتمل خيوط الجبن لدى العدو حينما يظهر بتلك الصورة المشوهة وهي فرصة للجبناء في ذلك الوضع الوضيع..
ولذلك ما قاله خالد ابن الوليد - رضي الله عنه - في مرض موته لم يكن هزيمة بل قمة النصر حينما قال لقد شهدت مائة معركة أو زهاءها، وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وها أنذا أموت على فراشي كما يموت البعير، ألا فلا نامت أعين الجبناء..
ونحن بذلك نعني بأنَّ الموت الذي يهرب منه الجبناء والناس في المعارك لم يقتل رجل خاض 100 معركة, و ها هو الآن يموت على فراشه فكل شيء يجري بقدر, فلو كان مكتوب عليه الموت في المعركة فسيموت فيها, وإن كان لم يكتب فيها فلن يموت حتى لو طعِّن و شوه جسده وتكمن الخلاصة في أن الجبان يضيع وقته في جبنه, فلن يموت إلا إذا كتب الله له الموت, فكل شيء هالك إلا وجهه..
(قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)..
وليس من الغريب في واقع الحرب مع الجبناء أن يظهر تقرير الطبيب الشرعي يؤكد تعرض القشيبي للتعذيب والتصفية بعد أسره حياً من قبل الحوثيين أو من يسمون أنفسهم بأنصار الله أو محبين لآل البيت كما يزعمون بذلك ليصطادوا المغفلين والسذج من الناس إلى شباكهم المخروق كما يؤكد التقرير الأولي للطبيب الشرعي الخاص بالكشف على جثة العميد القشيبي أن جسده تعرض لـ 70 رصاصة موزعة على كامل جسده بما فيها الرأس والرقبة كما أكد التقرير تعرض الرجل اليسرى للقائد القشيبي للبتر بفأس ما يشير لجريمة حرب ارتكبها مسلحو الحوثي قاموا خلالها بتعذيب وتصفية العميد القشيبي بعد أسره حيا فكان ما قاله نزار قباني حقيقة معاشه الآن
إن الناس يعيشون ويموتون
لكن الشهداء يعيشون ويعيشون
إن الناس يعيشون ليموتوا
ولكن الشهداء يموتون ليعيشوا
وعن العظماء فحدث وأسبل في ذلك وليمتلئ الإناء في تاريخ العز قبل أن تظهر مثل هذه الأنواع من الجماعات على مجتمعاتنا لتمزقه وتكون أداة لإشغاله عن الإعداد للعدو الحقيقي الذي يعبث في بلاد المسلمين رغم معرفته بقوته وضعف خصمه ولكنه جبان وحينما كنا أعزة لم يجرؤ ذلك العدو ليتقدم في أهدافه ومن ذلك عندما غضب معاوية بن أبي سفيان غزا الروم بالسفن لأول مرة في تاريخ المسلمين وحينما غضب المعتصم بالله فتح مدينة "عمورية" أكبر معقل للبيزنطيين بل وعندما غضب صلاح الدين الأيوبي أقسم أن لا يبتسم حتى يعيد فلسطين للمسلمين وهكذا عندما غضب عبدالرحمن الغافقي وصل بجيش المسلمين إلى وسط باريس وحينما غضب الشاب محمد الفاتح فتح مدينة "القسطنطينية" أكبر معاقل الروم فرحم الله أياماً كان غضب المسلمين جيوشا لا يرى آخرها وأعادها في هذا الزمن الرديء بأهله وأحداثه وفتنه ومن آخر أولئك العظماء الذين لامسنا عظمتهم وشجاعتهم واستبسالهم عميد الشهداء القائد الحر القشيبي رحمة الله تغشاه وبحق دون جدال فقد اثبت لأعدائه بأن المشوار أطول مما يتخيلون ولا ينتهي بانتقامهم منه بعد أسره حياً ثم إعدامه بتلك الطريقة الوحشية التي تتنافى تماماُ مع ثوابت الرجولة والإنسانية فضلاً عن الدين والمعتقد فقد اصبح القشيبي بطلاً بألسنة خصومه حتى الحوثيين واستشهدوهم بالله على ذلك فسيشهدون ببطولته التي لم يتمكنوا من تفسيرها ولن يتمكنوا حتى يقف الخصوم جنباً إلى جنب في تلك المحكمة التي قاضيها الرب سبحانه وتعالى ..والسلام
عمر أحمد عبدالله
ما بين النصر وإعدام الأسير 1214