يتحدث البعض الكثير عن هذا القدر الكبير من البلادة والخضوع الواضح على الناس بمختلف شرائحهم وطبقاتهم وانتماءاتهم الحزبية أو القبلية أو العرقية.. وهؤلاء ليس بمقدرتهم تصور الأبعاد الحقيقية للأحداث السياسية والاقتصادية التي يمر بها الوطن، خاصة على المستوى النفسي والفكري أيضاً وأثر ذلك على سلوك الإنسان بشكل عام، التوغل في افتقاد البهيمية أمرٌ مرفوض فهذا الشعب قد يفتقد للكثير من أصول الاتيكيت والذوق الراقي، لكنه لازال من الشعوب الفطرية، البسيطة، التي تحاول أن تعتاش على خيرات الوطن فقط لتستثمر بقاءها على قيد الحياة، ليس شعباً طموحاً بالقدر الكافي، لكنه يعاني وجود سلطات أقوى من طموحاته تصادر حقه في الارتقاء مقابل أن تصل هي إلى ما تريد، وإذاً فليس هناك من حل سوى محاولة التعايش في ظل المتغيرات المفروضة عليه رغماً عنه، ولأنه من الشعوب التي لا تنطق إلا ناراً فمن الأفضل أن يبقى صامتاً إلى أن يشاء الله، ما من حلٍ آخر للتعبير عن حالة الخوف والفزع التي يعيشها عامة الشعب سوى الرضا بهذا الواقع الأليم والحذر من الانفجار في غير ذات حاجة لأن كل ما حولنا قابل للاشتعال!
الدعوة إلى تفجير الوضع عبر أي وسيلة كانت من وسائل الحشد أو المناصرة أو الرفض أو التأييد هي دعوة مسمومة ومجنونة وغير مشروعة. نعم فالرأي العام المحلي في الوطن لا يحتاج للاستئصال والتشريح بقدر ما هو بحاجة ماسة للتهدئة والاستطباب بالشفافية بين الشعب والحكومة من جهة وبين الشعب وصناع الرأي من أبنائه من جهة ثانية، وربما آن الأوان للإنصات إلى صوت الوطنية في قلوب هؤلاء الصامتين، الصوت الذي تعالت من حوله مواويل الاستبسال الكاذبة حتى طمرت لدى ضعفاء النفوس كل نية في اختراق حواجز الإيثار والتضحية، فما الذي بقي معنا غير هذا الصمت والصبر وانتظار الفرج؟!..
هذا الصمت ليس ضعفاً ولا خوفاً، هذا الصبر ليس رضاً على الباطل أو عجز عن تغييره، هذا الانتظار ليس تآمراً ولا تواطؤاً مع أصحاب النفوذ، بل هو حالة سكون تغشت قلوب الناس طوعاً من لدن صاحب الرحمات الذي أحسن كل شيء خلقه ثم هدى، هو ليس انعداماً للمسؤولية بقدر ما هو تقبل لها لكن بآلية مغايرة.
نعم فهؤلاء الصامتون المحتسبون في طوابير المشتقات النفطية يحملون المسؤولية التي فرضها الوضع الجديد بكل معطياته، إن هذا التكيف الذي يغطي كل سلوكيات أبناء الشعب يخفف كثيراً من وطئ المعاناة التي يعيشونها في مختلف مجالات الحياة وكأنهم قطعان من الدببة القطبية التي يغطي جسمها الوبر الأبيض والذي يحميها من برودة الجليد.. هكذا يحمينا يقيننا بالله وسرعة تكيفنا مع الأحداث من حولنا من الانجراف خلف مواكب اليائسين الذين يبيعون تراب الوطن بقطرة نفط.. صمتنا وحكمتنا هما الحل، فهل عندكم حل ثاني؟!
ألطاف الأهدل
عندك حل ثاني؟!! 1356