عدوان إسرائيلي جديد على غزة يخلّف حتى الآن أكثر من 1000 شهيد ومئات الجرحى ودمار ودماء ودموع في منطقة أصبحت فيها هذه الأوصاف تكاد تكون خبزها اليومي.
ما يثير الاستغراب دوماً ذلك الصمت المتواطئ الذي يلم بكل عدوان اسرائيلي وترى المدافعين عن حقوق الإنسان وعن حق التدخل لإنقاذ المدنيين والذي يصل إلى حد احتلال دول بكاملها، هذه الأصوات الحية تصمت كلها أمام بطش الآلة العسكرية الاسرائيلية .
الظهير العربي الحاضن للقضية الفلسطينية في أسوأ حالاته، وبنظرة بسيطة إلى الخريطة العربية نكتشف ما حدث, حيث شغلتنا عمليات الاقتتال الداخلي في أكثر من بلد عربي عن القضية الأم، وسط دعم أمريكي للكيان الصهيوني.
الكثير من الدول العربية باتت هذه المرة شبه غائبة عن الساحة بما يحدث في غزة من أحداث وحرب وقتل لدرجة أن همومها جعلت عندها أولوياتها واهتمامها بالشأن الداخلي أكثر من الخارج سواء على المستوى العربي أو العالمي.
مصر التي كانت غالباً صاحبة الباع الطويل والمؤثر الأكبر بالضغط على إسرائيل سواء قيادتها أو بالحركة الشعبية في الشارع، لكن شأنها الداخلي وعدم استقرار الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية جعلها منشغلة عن جارتها- قطاع غزة, التي كانت العون الأول لها ومنقذها في أغلب الأحيان إلا أنها وبقيادتها الحالية حتى شوارعها خلت تقريباً من مظاهر الاحتجاج على العدوان الغاشم تجاه أبناء غزة.
والحال ليس أفضل في سوريا التي أنهكها وضعها الداخلي وما يدور فيها حالياً من ثورة جعلت النظام السابق والشعب السوري بعيداً كل البعد عن غزة وما يحدث فيها وهي التي كانت حاضرة دوماً بالمظاهرات والمسيرات المناهضة للاحتلال والعدوان الإسرائيلي على غزة بشكل خاص وفلسطين بشكل عام.
أما العراق ينطبق عليها المثل القائل "يلي فينا بكفينا", فجبهتها الداخلية محطمة، ومشغولة بما يجري بمدنها من قتال ومواجهات مع "داعش" لدرجة لا تجعل نظرها أو اهتمامها يخرج عن حدودها.
وضع دول المغرب العربي, ليبيا والجزائر وتونس والمغرب, كانت دائماً الأبعد عن هموم العرب بشكل عام, لكن هذه المرة بدت أكثر بعداً بسبب انشغالها بظروفها الداخلية خاصة في ليبيا وتونس.
والشعب اليمني المعروف بوقفته الجديّة، وحماسة الشارع بالوقوف إلى جانب أهالي غزة بات أيضاً بعيداً عن الأحداث الدائرة حالياً بالقطاع، ومنشغلاً أيضاً بوضعه الداخلي الذي لم يستقر بعد.
أما الأردن فموقفه الرسمي كالعادة الشجب والاستنكار بداية ومن ثم تقديم المعونات الطبية والغذائية لأهل غزة وكأن كل ما ينقصهم مجرد عبوات تقدم على أنها تبرعات أو هبات, فيما يبقى موقف الشارع الأردني الأكثر زخماً وغضباً تجاه الأحداث الدامية في غزة رغم القبضة الأمنية "الشرسة" تجاه كل من يحاول الاقتراب من الخط الأحمر, "السفارة الإسرائيلية".
وفي النهاية غزة كما العادة تقف وحيدة تصارع جنون العدو وبطشه وشغفه للقتل والدمار، وليس في اليد حيلة غير الدعاء وإحصاء عدد الشهداء.
رمزي المضرحي
غزة تستغيث...! 1492