يصعب على المرء أن يتخيل حجم الخيانة الوطنية التي تنتشر بيننا يوماً بعد يوم في الوقت الذي يحتاج فيه الوطن إلى التضحية بالغالي والنفيس ليبقى آمناً رغم أنف الحاقدين والمرتزقة والمتسولين بأفواههم وأيديهم.
ومن الصعب أكثر أن نتصور أن تكون الخيانة ممن يفترض بهم حماية الوطن, والذود عنه, وتأمين ثغراته, أو تسييح حدوده, والانتصار له من أعدائه.
أنهم أفراد الجيش والأمن الذين يضع عليهم الشعب مسؤولية حفظ الأمن ومنع الفوضى والضرب على يد المفسدين من الناس بيدٍ من حديد.
لكن ما يحدث من أفراد الجيش والأمن من قد يكون سبباً في إحداث الرعب وإشاعة الفوضى والفساد, وهذا ما شهدته أعيننا وكل حواسنا أثناء الأحداث السياسية التي مرت بالوطن, والتي نعلم يقيناً أن هؤلاء الأفراد لم يكونوا فيها إلا الـ "عبد المأمور". لكن ما الذي يجعل أفراد حفظ الأمن اليوم على محطات البترول, يجمعون "حق حماية أمنية" كما أسماه أحدهم حين تقدم إلى أحد المواطنين أثناء وجوده في محطة البترول مجبراً إياه على تسليم خمسمائة ريال لحفظ الأمن داخل المحطة. فهل ينقص المواطن هم حفظ الأمن في محطات البترول بعد أن حمل هم لقمة العيش وشربة الماء ونور الكهرباء وسواها من هموم المعيشة؟! وهل أصبح أفراد الأمن مندوبو جباية؟! وهل تصل الحاجة برجل الأمن والجيش إلى حد ابتزاز المواطن؟! وهل أصبح أداء الواجب خدمة مدفوعة الثمن؟َ! وهل يعلم السيد الشعيبي مدير أمن تعز وهو الرجل المشهود له بالإخلاص في عمله والتفاني بما يحدث من قبل هؤلاء الأفراد على محطات تعبئة البترول؟!
من وجهة نظري هذه خيانة للوطن وللشعب, وقبل هذا هي خيانة للنفس وتعطيل لوظائفها الأخلاقية, وهو تشويه أيضاً لمعنى الواجب الوطني الخالص الذي يتحلى به منتسبو السلك العسكري.
فأين هو الخطأ فيما يحدث؟! هل في التربية العسكرية القاصرة التي تلقاها هؤلاء من مؤسسات الخدمة العسكرية! أم أن الأمر يعود لأساليب التنشئة الأسرية! أم أن معاشات هؤلاء الأفراد لا تكفي لسد احتياجاتهم المعيشية؟
أم أن العمل لحراسة هذه المنشآت النفطية هو دوام إضافي لا تتحمل الدولة تسديد مخصصاته المالية! لا بد أن يكون الخطأ مشترك بين كل تلك الجهات مجتمعة, بالإضافة إلى الدور الذي يلعبه المواطن في ذلك الموقف الذي يتطلب وعياً كافياً باحتياجات المرحلة الراهنة.
نعم فالمواطن بهذا الوعي لا بد أن يحتاج من الأجهزة الأمنية اتخاذ التدابير اللازمة لمنع الفوضى المحمية بسلاح غير مسؤول.
وإذاً فرجل الأمن والجيش اليوم مسؤول عن تصحيح النظرة الخاطئة التي علقت في ذاكرة الأحداث السياسية والاجتماعية على مدار ثلاث سنوات كاملة. وهو مسؤول أيضاً عن إعادة الاعتبار لوظيفته ومؤسسته العسكرية التي يتبعها.
أفراد الأمن والجيش مواطنون يمنيون أيضاً وهذا يعني أنهم يستحقون الرعاية الكاملة من الحكومة الأم التي ينبغي أن ترعى الجميع تحت مظلة الحق والواجب دون أي مزايدات.
نأمل ألا تتكرر مثل هذه الصور التي يتعلم منها أبناؤنا أن قيمة الأمن في الوطن لا تتعدى الخمسمائة ريال..
ألطاف الأهدل
هل يعلم الشعب بذلك؟! 1222