نعلم جميعاً حجم الأزمة الاقتصادية التي يعانيها الوطن، ونعلم أيضاً مسلسل الجرعات الذي بدأ منذ سنوات طويلة, مبتدئاً بالمواد الغذائية والأدوية وصولاً إلى المشتقات النفطية التي أعلنت الحكومة رفع الدعم عنها منذ أشهر.
وإذا كانت المسألة مقتصرة على خطة تكتيكية أو استراتيجية محددة, فنحن مع حكومتنا وإن طال السفر، لكن إذا كان الوضع دائماً والنتائج محسوبة لصالح فئة مستفيدة على حساب شعب بأكمله, فهذا أمر مرفوض تماماً, لأن الشعب أصبح يدرك تماماً النهاية الحتمية لكل سيناريو مبتور تضعه الحكومة كحل مؤقت بعد أن ينسحب البطل ويصبح "الكومبارس" هو المعني بحسم المواقف المدبلجة لصالحه.
جرعات الحكومة في اليمن تشبه تماماً جرعات التحصين ضد الأمراض المعدية؛ فهي تتم على مراحل مزدوجة وتنتهي بنتائج عشوائية وغير متوقعة، وهي جرعات ذات طابع حزبي ملوث بالولاءات الضيقة, لكن في نهاية المطاف تعود تلك الولاءات الحزبية إلى نصابها بعد أن تحقق أهدافاً وطنية هشة يدفع ثمنها الشعب من عقله وروحه وجسده وحجم ولائه للوطن.
كانت هدية العيد هذا العام غير متوقعة، ولعلي حين تلقيتها كفرد من أفراد , تذكرت حكمة أو مثل شعبي قديم وسيئ نوعاً ما لكنني تذكرته فعلاً وسوف أذكره هنا لأني لم أتعد أُخفي مشاعري تجاه أي أزمة يكون فيها الوطن هو المقصود بالأذى: " هدية الغرابي دوده"..
هذا هو المثل الشعبي الذي تذكرته، في اللحظة التي سمعت فيها عن بيان حكومي يقضي برفع الدعم عن المشتقات النفطية, تاركاً المواطن بين كفتي ميزان ورقي؛ بين قوانين وقرارات كارثية في كفة ومبادرة يقدمها الجلاد الذي يرتدي عمامة القاضي.. عيديتك مقبولة أيتها الحكومة الوفاقية، إذا كان الهدف منها إصلاح ذات البين مع صندوق النقد الدولي والوفاء بمديونية اليمن للجهات المانحة، لكن اذا كان الهدف من هذه الهدية فض الاشتباكات والنزاعات التي تقف في طريق الكبار من مستثمري الأزمات السياسية والاقتصادية في الوطن, لن يكون رد الشعب ثورة أخرى أو فصلاً آخر من فصول العنف المقنع, إنما هي دعوة يبتهل فيها الشعب الصابر إلى الله, فيجعل لعنة الله على القوم الظالمين.. أمر الله ليس ببعيد على هذه الحكومة التي فتحت أبواب الفجور أمام الجبابرة من الخونة والمرتزقة وأبناء النقد المحلي والأجنبي.
نحن نعلم أن كبار هذا الوطن هم من باعوا هذا الوطن وقبضوا ثمنه نقداً على مرأى ومسمع الحكام فيه، لكننا نعلم أكثر أن لحكمة الله أجلاً معلوماً "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون"..
ألطاف الأهدل
عيدية الحكومة..جرعة 1176