التاجر اليمني معروف منذ القدم بتمرسه وحذقه في مهنة التجارة..
اليمن كانت عبر التاريخ معبراً للقوافل المحملة بشتى أنواع البضائع.. أسواق اليمن القديمة مذكورة مشهورة عبر التاريخ.. اليمني مزارع عبقري, وبنّاء ماهر, وتاجر صدوق, وصنّاع متقن..
في العقود الأخيرة من تاريخ هذا الوطن لم تكن الدولة تقدم الكثير لمواطنيها, اعتمد الإنسان اليمني خلالها على مهاراته المتنوعة لتزويد الفرد في الوطن بالكثير من الحاجات, ولإغناء نفسه وإعفافها بطرق الكسب الحلال من ممارسة للتجارة والصناعات الخفيفة والزراعة والعمل في البناء.. فنسبة التوظيف الحكومي في اليمن ظلت منخفضة على الدوام, قياساً بنسبة الفئة الصالحة للعمل, بل أن الكثير من هذه الوظائف تؤكل من غول الفساد بأسماء وهمية..
بعد ذهاب القرن الماضي من الأجداد والآباء, جاء جيل جديد, ورث الأموال وتلقى حرف أهله وتجارتهم بعقلية أكثر انفتاحاً, وكبرت مؤسسات صناعية وتجارية لأسر مشهورة وتطلع البعض لخوض غمار التجربة والتوسع في مشاريعهم الصغيرة والتوجه نحو مزيد من المشاركة في الصناعات التي تسد حاجات محدثة للمواطن في السوق المحلي..
وشجعت هذه النقلة- في أسلوب عيش الفرد اليمني- أصحاب الأموال المهاجرة بالعودة للوطن والمشاركة في تنوع تجارته وصناعته, لكن الذي حدث جسّد صدمة جعلت العائد يسارع بالفرار, والبقية المستوطنة تتوقف وتنسحب بما تبقى لها من مال..
المنظومات الكبرى تنافس بطرق غير شريفة, وتسحق أصحاب المشاريع الصغيرة, مستمدة قوتها من تحالف خفي مع السلطة الفاسدة, تغولت هذه المنظومات الاقتصادية الكبرى وابتلعت كل شيء بضمير ميت..
وفي كل زاوية استثمار, ومع كل مبادرة مشاريع نهوض يتم وأد الأفكار الناهضة بالوطن تحت ضغط ثقيل مما يسمى "بشريك الحماية"..
لابد أن تتحمل الدولة مسؤولية معالجة هذه المعضلة وكشف التحالفات الخفية بين السلطة وأصحاب رؤوس الأموال الكبيرة , وعلى وزارة التجارة والصناعة منح أصحاب المشاريع الصغيرة فرصاً أوفر للنمو؛ لتوسيع مجال التنافس الشريف وتحرير السوق من شراهة المنظومات الاقتصادية الكبرى في اليمن..
نبيلة الوليدي
غول الصناعة وشريك الحماية!! 1230