تجددت الهدنة بين الفصائل الفلسطينية وجيش الاحتلال لمدة 120 ساعة (5 أيام)، بعد فشل الأطراف المتفاوضة في التوصل إلى اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار بما يحقق مطالب الشعب الفلسطيني من رفع الحصار وفتح المعابر...
لطالما حذرنا مرارا وتكرارا، من خطورة الانجراف وراء التفاوض والسقوط في فخ الهدن، لما لها من عواقب وخيمة سواء على وحدة الصف الفلسطيني، أو على الداخل بإحداث شرخ بين الشعب والمقاومة.
السيد عزام الأحمد رئيس الوفد الفلسطيني "الموحد" المفاوض، خرج علينا للإعلان عن حصول تقدم حول كثير من النقاط دونما أن يكلف نفسه عناء تنويرنا عن أي نقاط يتحدث، بل ذهب أكثر من ذلك وتمادى في الدفاع عن مصر، معتبرا أنها تقوم بدور الوسيط ولا تفرض ورقة على أي طرف وأن معبر رفح غير مطروح للتفاوض وهو مسألة تخص الجانبين الفلسطيني والمصري، واضعا إياها (أي مصر) دون أن يقصد في "موقف المتهم" بإفساد المفاوضات إلى جانب الإسرائيليين.
زياد نخالة نائب رئيس المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي كان أكثر وضوحا حينما أكدا أن الوفد يقود المفاوضات وسط ظروف سياسية عربية عصيبة أن إسرائيل تستفيد من الأوضاع المحيطة عربيا، في إشارة واضحة منه إلى الضغوطات الممارسة من طرف الجانب المصري على الوفد الفلسطيني.
نقف مستغربين من هذا الموقف المصري الفاضح تجاه فلسطين وشعبها الباسل، كما لو أن إقفال معبر رفح وتجريم كل ما يمس بصلة لحماس والجهاد الإسلامي و اعتباره أكبر خطر يهدد الأمن القومي المصري لم يكن كافيا.
إن ما يقوم به ساسة مصر بتنصلهم من دورهم التاريخي تجاه القضية الفلسطينية لشيء مخجل، فمصر التي قزم دورها الإقليمي و هدد أمنها المائي بفعل إسرائيل تتحالف اليوم مع الأخيرة لا لشيء سوى لفوبيا جماعة الإخوان المسلمين و امتداداتها في المنطقة.
لا نتفهم لحد الآن سبب استمرار الوفد الفلسطيني في التفاوض رغم التماطل الإسرائيلي و الضغط المصري، وكيف لهذا الوفد أن يجهز شيئا فشيئا على الإنجازات الميدانية للمقاومة بالرضوخ لمفاوضات عبثية.
وعليه، يمكن أن نقول أن معضلة المفاوض الفلسطيني منذ أوسلو، تتمثل في غياب التفكير الاستراتيجي الذي يتيح له التكهن بحركة العدو الإسرائيلي وإدخالها في حساباته، وانحصار تفكيره في البعد العقلاني للتماشي مع الخطى الإسرائيلية دون استباقها.
فصائل المقاومة سئمت منطق التنازلات و تريد خطابا واضحا من الوفد المفاوض، و لعل الصواريخ التي أطلقتها بعد الخرجة الإعلامية للسيد "عزام الأحمد"، خير دليل عن رفضها لأي إجهاض للمكتسبات التي حققتها.
مفاوضات القاهرة لعبة كاملة يعرف فيها كل طرف نوايا الآخر ويدرك جيدا أن منافسه يعلم ذلك، فلما الدخول في شرك ومتاهة مفاوضات لا نية لإسرائيل سوى إطالتها قصد انتزاع انتصار معنوي.
كاتب مغربي
سامي السلامي
إنها عبثية المفاوضات يا سادة 1109